فدل هذا على أن الصور المسطحة إذا لم تعلق لا تدخل في عموم حديث أبي الهياج عن علي.
واعترض ذلك بثلاثة اعتراضات:
الأعتراض الاول: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استعمل الصور المسطحة , ولكنه أنكر صنعها وأغلظ على صانعيها , فدل ذلك على أنها محرمة.
والجواب: أنها لو كانت محرمة مطلقا لما جاز للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يستعملها , إذ لو كانت محرمة في ذاتها لكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أبعد الناس عن استعمالها , إذ كيف يحرمها ويستعملها.
الأعتراض الثاني: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هتك السترة , والهتك: الإتلا ف , فلو لم تكن الصورة محرمة مطلقا لما جاز له إتلاف المال.
والجواب من وجهين: الوجه الاول: أن الهتك يراد به: النزع , بدليل الروايات الأخرى " فنزعه " , " فأمرني فنزعه " , " أخريه " , " حلي هذا".
الوجه الثاني: أنه على التسليم بأن الهتك هو الإتلاف فليس المراد به التمزيق بحيث لا ينتفع به بعد ذلك , وإنما المراد به حينئذ: أن لا ينتفع به كسترة بدليل: أنهم استعملوه فجعلوه وسادة او وسادتين.
الأعتراض الثالث: أن حديث عائشة كان قبل تحريم الصور , ثم حرمت الصور فكان حديثها منسوخا.
والجواب: أن القول بالنسخ لا يصح إلا بشرطين:
الشرط الأول: أن يتعذر الجمع بين الدليلين.
الشرط الثاني: أن يعرف تأريخ الدليلين.
وكلا الشرطين غير متوفر: فإن تأريخ الدليلين مجهول , وأما الجمع بينهما فممكن ـ لما تقدم بيانه ـ: " من أن المحرم عبادة التماثيل أو تعليقها المشعر بتعظيمها , وأن غير المعلق مما يمتهن غير محرم ".
الأمر الثاني: حديث عائشة في الصحيحين قالت: " كنت ألعب بالبنات عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذا دخل يتقمعن فيسربهن إلي فيلعبن معي , وفي لفظ مسلم: " كنت ألعب بالبنات في بيته وهن اللعب ".
فإن جماهير العلماء جوزوا صنع هذه اللعب وبيعها لحاجة البنات إلى التدرب بهن على تربية الأطفال , وعلى تدبير شؤون البيوت عملا بحديث عائشة فإن فيه إذنا من الشارع في مثل هذه الصور.
لكن هل هذا النوع من الصور داخل في عموم حديث علي ثم استثني؟ أو لم يدخل أصلا في عمومه؟
إن قلنا بالأول: كان حديث علي " عاما مرادا به العموم المخصوص ".
وإن قلنا بالثاني: كان حديثه " عاما مرادا به الخصوص ".
وعلى كلا الأمرين لا يكون حديثه " عاما مرادا به العموم غير مخصوص ".
والحاصل: أن هنا نوعين من تصوير ما له روح: أحدهما: مجسم , والآخر مسطح , وقد شملها حديث علي من حيث اللفظ , لكن لما أذن فيهما الشارع دل ذلك على أن حديث علي لا يشملهما من حيث الحكم , إما لأنهما مستثنيان , وإما لأن الشارع لم يرد إدخالهما أصلا.
وعلى أي حال: فحديث علي إنما يشمل المنصوب من الصور المجسمة والمسطحة , ولا يشمل غير المنصوب سواء كان مجسما كلعب الأطفال أو مسطحا كالرسوم التي تكون على الفرش والوسائد ونحوها.
=================
بإذن الله سبحانه يتبع البقيه
ـ[أحمد حيدر مصطفى]ــــــــ[15 - 09 - 05, 07:22 م]ـ
أريد إثارة نقاش حول موقفنا من التصوير و مضاهاة خلق الله, فهل علينا بغض هذا العمل ومقاومة الهوى في الإعجاب بالصور المتقنة كما فعل الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عندما هتك الستر وظهرت منه ملامح الغضب والبغض؟
ـ[أبو الحسن الغامدي]ــــــــ[09 - 02 - 07, 01:05 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسو ل الله
ولأني قد وعدت بنقل البحث الذي يحتوي على مسألة التصوير في سبع وثمانون صفحة , ولأني لم اجد فرصة في كتابته على ملف وورد , فقد قررت بعون الله أن انقل لكم بعض مافي هذا البحث القيم ,
قال الشيخ عبد العزيز البجادي في شرحه على زاد المستقنع:
ودليل تحريم الصور المجسدة لما فيه روح أمور:
¥