وهو يهتم بذكر القراءات المتواترة وتوجيهها وإعرابها ولا يذكر الشواذ وجل اعتماده في ذلك على ابن عطية والسفاقسي ومن ذلك قوله:
وقرأ ابن كثير وغيره: ?ونكفر? بالنون ورفع الراء، وقرأ ابن عامر: ?ويكفر? بالياء ورفع الراء، وقرأ نافع وغيره: ?ونكفر? بالنون والجزم. فأما رفع الراء فهو على وجهين؛ أحدهما: أن يكون الفعل خبر ابتداء، تقديره: ونحن نكفر، أو والله يكفر، والثاني: القطع والاستئناف، والواو لعطف جملة على جملة، والجزم في الراء أفصح هذه القراءات، لأنها تؤذن بدخول التكفير في الجزاء وكونه مشروطًا إن وقع الإخفاء، وإما رفع الراء فليس فيه هذا المعنى. ()
وقال أيضا: وقرأ ابن عامر ?هو مولاها? () ()
وقوله: ?والأرحام? () أي واتقوا الأرحام. وقرأ حمزة ?والأرحام? بالخفض عطفًا على الضمير كقولهم: أسألك بالله وبالرحم، قاله مجاهد وغيره.
قال (ع) وهذه القراءة عند نحاة البصرة لا تجوز، لأنه لا يجوز عندهم أن يعطف ظاهر على مضمر مخفوض إلا في ضرورة الشعر كقوله:
فاذهب فما بك والأيام من عجب
لأن الضمير المخفوض لا ينفصل، فهو كحرف من الكلمة، ولا يعطف على حرف، واستسهل بعض النحاة هذه القراءة. انتهى كلام (ع)
قال (ص): والصحيح جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، كمذهب الكوفيين، ولاترد القراءة المتواترة بمثل مذهب البصريين، قال: وقد أمعنا الكلام عليه في قوله تعالى: ?وكفر به والمسجد الحرام ? () انتهى وهو حسن، ونحوه للإمام الفخر. ()
تاسعا: موقفه من الفقه والأصول:
ولم يرد الثعالبي أن ينهج منهجا فقهيا مبسوطا في تفسيره حيث يقول: "تركت ذلك خشية التطويل وإذ محل بسطها كتب الفقه". ()
وعليه فهو يتعرض للفقهيات بدون الإطالة ويركز على قول مالك ومن ذلك قوله:
?ولا تباشروهن ... ? () قالت فرقة: المعنى ولا تجامعوهن، وقال الجمهور: ذلك يقع على الجماع فما دونه مما يتلذذ به من النساء و?عاكفون? أي ملازمون، قال مالك رحمه الله وجماعة معه: لااعتكاف إلا في مساجد الجماعات. وروي عن مالك أيضًا أن ذلك في كل مسجد، ويخرج إلى الجمعة كما يخرج إلى ضروري أشغاله. قال ابن العربي في (أحكامه): وحرم الله سبحانه المباشرة في المسجد، وكذلك تحرم خارج المسجد، لأن معنى الآية ولا تباشروهن وأنتم ملتزمون للاعتكاف في المساجد، معتقدون له. ()
وقال أيضا:
قال ابن العربي: قال علماؤنا وفي الآية دليل على أن ملك اليمين لاحق لها في الوطء والقسم، لأن المعنى ?فإن خفتم أن لاتعدلوا? () في القسم ?فواحدة أو ماملكت أيمانكم? () فجعل سبحانه ملك اليمين كله بمنزلة الواحدة، فانتفى بذلك أن يكون للأمة حق في وطء أو قسم، انتهى من الأحكام.
وقد أطال الكلام في النسخ وإثباته () تحت قوله: ?ما ننسخ من آية? () ومن كلامه أيضا: فمن قال إن السنة المتواترة تنسخ القرآن جعل رجم الرسول دون جلد ناسخًا لجلد الثيب وهذا الذي عليه الأمة أن السنة المتواترة تنسخ القرآن، إذ هما جميعًا وحي من الله سبحانه، ويوجبان جميعًا العلم والعمل، ويتجه عندي في هذه النازلة بعينها أن يقال: إن الناسخ لحكم الجلد هو القرآن المتفق على رفع لفظه، وبقاء حكمه، في قوله تعالى: "والشيخ والشيخة فارجموهما البتة" وهذا نص في الرجم، وقد قرره عمر على المنبر بمحضر الصحابة. والحديث بكماله في مسلم، والسنة هي المبينة ولفظ البخاري ?أو يجعل الله لهن سبيلا? () الرجم للثيب والجلد للبكر.
ويذهب إلى أن العقل لا مجال له في عالم الغيب وأن العبرة في ذلك بصحة النقل ففي صيرورة الحيوانات ترابًا يوم القيامة يقول: "واعلم أني لم أقف على حديث صحيح في عودها ترابًا … والمعول عليه في هذا: النقل، فإن صح فيه شيء عن النبي ? وجب اعتقاده، وصير إليه، وإلا فلا مدخل للعقل هنا" ()
وهو مع ذلك يقول بالقياس وبالتأويل قال: "وفيه دليل على صحة القياس، لأنه علمهم سبحانه الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الأخرى". ()
حادي عشر: موقفه من المواعظ والآداب:
¥