تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الطهارة، ويليه مباشرة حديث في الجهاد، وآخر في الصيام، فليس هناك ترتيب لمرويات الصحابي حسب أبواب الفقه، ومهمة (المسنِد) بالكسر، أن يسند وأن يجمع ما أسنده هذا الصحابي إلى رسول الله، فلم تصنف المسانيد حسب الأبواب والمسائل الفقهية، فقالوا: أصحاب المسانيد كانت غايتهم جمع الأحاديث حتى لا تضيع، ومن هنا فعنايتهم بالصحة والتدقيق في سند الحديث ليست كعناية أصحاب السنن، إلا أن مسند أحمد تميز عن بقية المسانيد بأنه لا يمكن أن يثبت فيه حديثاً اتفق الناس على تركه، ولهذا فإنه يؤخذ عنه، أما بقية الكتب الأخرى من السنن فيقولون: عندهم تساهل في الحكم على الحديث بالصحة أو الضعف، وليس هناك التحري والدقة التي نجدها عند البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي، فهؤلاء تحروا الصحة والدقة أكثر من غيرهم من أصحاب السنن. وأين موطأ مالك الذي يقول فيه الشافعي وينقلها عنه الذهبي: (موطأ مالك أصح كتاب على وجه الأرض بعد كتاب الله)؟ قالوا: لم يذكره ابن حجر ولا أهل السنن لأن مالكاً في طبقة من نقل الحديث ورواه عن التابعين عن الصحابة، وليس ممن جمعوا مع أنه جمع الحديث. وبعضهم يقول: الموطأ لم يختص بالأحاديث المسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بل فيه مسند لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه موقوف على الصحابة، وفيه مقطوع عن التابعي، وفيه آراء العلماء، وفيه آراء مالك بنفسه. فقالوا: هذا كتاب على نمط مستقل خاص بالإمام مالك، وليس معنى ذلك أنه أضعف؛ من الكتب السابقة بل إنه أعلى مرتبة من كل من سماهم؛ لأن مالكاً من الذين روى عنهم البخاري، أي أنه يروي الحديث بسنده حتى يصل إلى مالك، فيكون مالك من رجال الحديث عند البخاري. وقد اختار المؤلف مسند أحمد على غيره من المسانيد لأن أصحاب المسانيد كانت مهمتهم جمع الحديث، وبعد أن جمعت المسانيد كان أحمد متقدماً على البخاري ومسلم؛ لأن البخاري ومسلماً رحمهما الله لما رأوا أن عمل أصحاب المسانيد الجمع، والجمع قد يأتي فيه خلل، نهضوا إلى جمع ما صح من الأحاديث على شرطهما، فالبخاري يشترط اللقيا، أي: أن يكون كل راوٍ قد لقي من روى عنه حتى لا تكون واسطة مجهولة، ومسلم نزل قليلاً وقال: إذا روى إنسان عمن يعاصره اكتفيت بذلك، والآخرون نزلوا أيضاً قليلاً، ولهذا يقول العلماء: أصح الروايات ما اتفق عليه البخاري ومسلم ثم ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم، ثم تنزل الدرجة إلى أبي داود، ثم يليه الترمذي، ثم يليه النسائي، ثم يليه ابن ماجة ... وهكذا .......

تسمية ابن حجر للكتاب

قال: [وسميته بلوغ المرام من أدلة الأحكام]. بلوغ الشيء: الوصول إليه، ومنه البلغة أي: الشيء الذي يوصلك إلى الغاية التي أنت مسافرٌ إليها، ومنه: البلاغة؛ لأن بلاغة البليغ هي: القدرة على أن ينقل لك ما في صدره أو في قلبه أو في علمه ويبلغه إليك، فإن كان فصيحاً ومتكلماً استطاع أن يعبر لك عما في نفسه، ويوصله إلى ذهنك، وإن لم يكن بليغاً فلن تستطيع أن تفهم منه شيئاً، ولن يستطيع أن يفهمك. والمرام: هو الذي يرومه الإنسان ويسعى إليه برغبةٍ عنده. وقوله: (من أدلة الأحكام): لأن المرامات كثيرة، فهناك من يروم الدنيا، وهناك من يروم الآخرة، وهناك من يروم علم الميكانيك، وهناك من يروم علم الزراعة .. وهكذا، ولكنه بين القصد فقال: (سميته بلوغ المرام من أدلة الأحكام)، إذاً: لا تطلب فيه عقيدة ولا موضوع السيرة أو الغزوات؛ لأنه ليس موضوعها، ولا تطلب فيه مواضيع الزراعة أو الحث على أمور دنيوية، إنما موضوعه يدور في فلك الأحكام، والأحكام: إما عبادات حقٌ لله تعالى على العباد، وإما معاملات، ولم يتعرض للبعث والجزاء والجنة والنار وما فيها، والحوض وغير ذلك، فليس هذا من شأنه ولا من مقصده في هذا الكتاب، إنما مقصده هو أدلة الأحكام.

أعلى الصفحة

المراد بقوله: متفق عليه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير