تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا فرق بين أن يستفتي هذا دائما أو أن يستفتي هذا حينا وذلك حينا بعد أن يكون مجمعا على ما ذكرناه كيف لا ولم نؤمن بفقيه أيا كان أنه أوحى الله إليه الفقه وفرض علينا طاعته وأنه معصوم فان اقتدينا بواحد منهم فذلك لعلمنا بأنه عالم بكتاب الله وسنة رسوله فلا يخلو قوله إما أن يكون من صريح الكتاب والسنة أو مستنبطا عنهما بنحو من الاستنباط أو عرف بالقرائن أن الحكم في صورة ما منوط بعلة كذا واطمأن قلبه بتلك المعرفة فقاس غير المنصوص على المنصوص فكأنه يقول ظننت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كلما وجدت هذه العلة فالحكم ثمة هكذا والمقيس مندرج في هذا العموم فهذا أيضا معزي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولكن في طريقه ظنون ولولا ذلك ما قلد مؤمن بمجتهد فان بلغنا حديث من رسول الله المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي فرض علينا طاعته بسند صالح يدل على خلاف مذهبه وتركنا حديثه واتبعنا ذلك التخمين فمن أظلم منا وما عذرنا يوم يقوم الناس لرب العالمين

(2) - ومنها أن تتبع الكتاب والآثار لمعرفة الأحكام الشرعية على مراتب أعلاها أن يحصل له من معرفة الأحكام ص:102 بالفعل أو بالقوة القريبة من الفعل ما يتمكن به من جواب المستفتين في الوقائع غالبا بحيث يكون جوابه أكثر مما يتوقف فيه وتخص باسم الاجتهاد

وهذا الاستعداد يحصل تارة بالإمعان في جمع الروايات وتتبع الشاذة والفاذة منها كما أشار إليه أحمد بن حنبل مع ما لا ينفك منه العاقل العارف باللغة من معرفة مواقع الكلام وصاحب العلم بآثار السلف من طريق الجمع بين المختلفات وترتيب الاستدلالات ونحو ذلك

وتارة بإحكام طرق التخريج على مذهب شيخ من مشايخ الفقه مع معرفة جملة صالحة من السنن والآثار بحيث يعلم أن قوله لا يخالف الإجماع وهذه طريقة أصحاب التخريج

وأوسطها من كلتا الطريقتين أن يحصل له من معرفة القرآن والسنن ما يتمكن به من عرفة رؤوس مسائل الفقه المجمع عليها بأدلتها التفصيلية ويحصل له غاية العلم ببعض المسائل الاجتهادية من أدلتها وترجيح بعض الأقوال على بعض ونقد التخريجات ومعرفة الجيد من الزيف وان لم يتكامل له الأدوات كما يتكامل للمجتهد المطلق فيجوز لمثله أن يلفق من المذهبين اذا عرف دليلهما وعلم أن قوله مما لا ينفذ فيه اجتهاد المجتهد ولا يقبل فيه قضاء القاضي ولا يجري فيه ص:103 فتوى المفتين أن يترك بعض التخريجات التي سبق الناس اليها اذا عرف عدم صحتها ولهذا لم يزل العلماء ممن لا يدعي الاجتهاد المطلق يصنفون ويرتبون ويخرجون ويرجحون وإذا كان الاجتهاد يتجزأ عند الجمهور والتخريج يتجزأ وإنما المقصود تحصيل الظن وعليه مدار التكليف فما الذي يستبعد من ذلك

وأما دون ذلك من الناس فمذهبه فيما يرد عليه كثيرا ما أخذه عن أصحابه وآبائه وأهل بلده من المذاهب المتبعة وفي الوقائع النادرة فتاوى مفتية وفي القضايا ما يحكم القاضي

وعلى هذا وجدنا محققي العلماء من كل مذهب قديما وحديثا وهو الذي وصى به أئمة المذاهب أصحابهم وفي اليواقيت والجواهر أنه روى عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه كان يقول لا ينبغي لمن لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي وكان رضي الله عنه اذا أفتى يقول هذا رأى النعمان بن ثابت يعني نفسه وهو أحسن ما قدرنا عليه فمن جاء بأحسن منه فهو أولى بالصواب وكان الامام مالك رضي الله عنه يقول ما من أحد الا وهو مأخوذ من كلامه ومردود عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم

وروى الحاكم والبيهقي عن الشافعي رضي الله عنه أنه كان يقول اذا صح الحديث فهو مذهبي وفي رواية اذا رأيتم كلامي يخالف الحديث فاعملوا بالحديث واضربوا بكلامي ص:104 الحائط وقال يوما للمزني يا أبا إبراهيم لا تقلدني في كل ما أقول وانظر في ذلك لنفسك فانه دين وكان رضي الله عنه يقول لا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وان كثروا ولا في قياس ولا في شيء وما ثم الا طاعة الله ورسوله بالتسليم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير