تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن تعلم أن قدرة الله فى الأشياء بلا مزاج و صنعه للأشياء بلا علاج و علة كل شئ صنعه و لا علة لصنعه و ليس في السموات العلا و لا فى الأرضين السفلى مدبر غير الله و كل ما تصور فى وهمك فالله بخلافه # هذا الكلام غالبه في ذكر فعل الحق سبحانه و ربوبيته أخبر أنه رب كل شئ لا مدبر غيره ردا على القدرية و نحوهم ممن يجعل بعض الأشياء خارجة عن قدرة الله و تدبيره و أخبر أن قدرته و صنعه ليس مثل قدرة العباد و صنعهم فإن قدرة أبدانهم عن امتزاج الأخلاط و أفعالهم عن معالجة و الله تعالى ليس كذلك # و أما قوله علة كل شئ صنعه و لا علة لصنعه فقد تقدم أن هذا يريد به أهل الحق معناه الصحيح أن الله سبحانه لا يبعثه و يدعوه إلى الفعل شئ خارج عنه كما يكون مثل ذلك للمخلوقين فليس له علة غيره بل فعله علة كل شئ ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن # و مقصود أبى القاسم يبين أن القوم لم يكونوا على رأى القدرية من المعتزلة و هذا حق فما نعلم فى المشايخ المقبولين فى الأمة من كان على رأى المعتزلة لا في قولهم في الصفات بقول جهم و لا في قولهم في الأفعال بقول القدرية بل هم أعظم الناس إثباتا للقدر و شهودا له

وافتقارا إلى الله و التجاء إليه حتى أن من المنتسبين إلى الطريق من غلوا في هذا حتى يذهب إلى الإباحة والجبر ويعرض عن الشرع والأمر والنهى فهذه الآفة توجد كثيرا في المتصوفة والمتفقرة وأما التكذيب بالقدر فقليل فيهم جدا # ثم ذكر عنهم في الإيمان كلمتين يدل بهما على أن الإيمان عندهم مجرد التصديق وليس هذا مذهب القوم بل الذي حكاه عن الجنيد فقال وقال الجنيد التوحيد علمك وإقراراك بأن الله فرد في أزليته لا ثاني معه ولا شئ يفعل فعله وقال أبو عبد الله بن خفيف الإيمان تصديق القلوب بما أعمله الحق من الغيوب # وهذا المذكور عن الجنيد وابن خفيف حسن وصواب لكن لم يدل على أن أعمال القلوب ليست من الإيمان # ثم ذكر عنهم في مسألة الاستثناء في الإيمان شيئا حسنا فقال وقال أبو العباس السيارى عطاؤه على نوعين كرامة واستدارج فما

أبقاه عليك فهو كرامة وما أزاله عنك فهو استدراج فقل أنا مؤمن إن شاء الله تعالى # قال ابو العباس السياري كان شيخ وقته # وقال سمعت الأستاذ أبا على الدقاق يقول غمز رجل رجل أبى العباس السياري فقال تغمز رجلا ما نقلتها قط في معصية الله تعالى # قال وقال أبو بكر الواسطى من قال أنا مؤمن بالله حقا قيل له الحقيقة تشير إلى إشراف واطلاع وإحاطة فمن فقده فقد بطل دعواه منها # قال أبو القاسم يريد بذلك ما قاله أهل السنة من أن المؤمن الحقيقي من كان محكوما له بالجنة فمن لم يعلم ذلك من سر حكمة الله تعالى فدعواه بأنه مؤمن حقا غير صحيحة # قلت الاستثناء في الايمان سنة عند عامة أهل السنة وقد ذكره

طائفة من المرجئة وغيرهم وأوجبه كثير من أهل السنة ومن وجوهه وجهان حسنان # أحدهما أن الإيمان الذي أوجبه الله على العبد من الامور الباطنة او الظاهرة لا يتيقن أنه أتى بها على الوجه الذي أمر به كاملا بل قد يكون أخل ببعضه فيستثنى لذلك # والوجه الثاني ان المؤمن المطلق من علم الله أنه يوافى بالإيمان فأما الإيمان الذي تتعقبه الردة فهو باطل كالصوم والصلاة الذي يبطل قبل فراغه فلا يعلم العبد أنه مؤمن حتى يقضى جميع إيمانه وذلك إنما يكون بالموت # وهذا معنى ما يروى عن ابن مسعود أنه قيل له إن فلانا يقول إنه مؤمن قال فقولوا له اهو في الجنة فقال الله أعلم قال فهلا وكلت الاولى كما وكلت الثانية # وهذا الوجه تختاره طائفة من متكلمي أهل الحديث المائلين إلى الإرجاء كالأشعري وغيره ممن يقول بالاستثناء ولا يدخل الاعمال في مسمى الايمان فيجعل الاسثثناء يعود إلا إلى النوايا فقط وهو الذي ذكره أبو القاسم وفسر به كلام أبي بكر الواسطي وكلام الواسطي يحتمل الوجهين جميعا فإن الإشراف والاطلاع قد يكون على الحقيقة التي هي عند الله في هذا الوقت وقد يكون على ما يوافى به العبد وأما كلام أبي العباس فظاهر في أنه راعى الخاتمة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير