تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ص إن الله جميل يحب الجمال وينسون قوله إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم # ويحتجون بما في ذلك من راحة النفوس ولذاتها كما يحتج هؤلاء ويكرمون ذا الصورة على ما يبذله من صورته وإشهادهم إياها كما يكرم هؤلاء ذا الصوت على ما يبذله من صوته وإسماعهم إياه بل كثيرا ما يجمع في الشخص الواحد بين الصورة والصوت كما يفعل في المغنيات من القينات # وقد زين الشيطان لكثير من المتنسكة والعباد أن محبة الصور الجميلة إذا لم يكن بفاحشة فإنها محبة لله كما زين لهؤلاء أن استماع هذا الغناء لله ففيهم من يقول هذا اتفاقا وفيهم من يظهر أنه يحبه لغير فاحشة ويبطن محبة الفاحشة وهو الغالب # لكن ما أظهروه من الرأي الفاسد وهو أن يحب لله ما لم يأمر الله

بمحبته هو الذي سلط المنافق منهم على أن يجعل ذلك ذريعة إلى الكبائر ولعل هذه البدعة منهم اعظم من الكبيرة مع الإقرار بأن ذلك ذنب عظيم والخوف من الله من العقوبة فإن هذا غايته أنه مؤمن فاسق قد جمع سيئة وحسنه وأولئك مبتدعة ضلال حين جعلوا ما نهى الله عنه مما أمر الله به وزين لهم سوء أعمالهم فرأوه حسنا وبمثلهم يضل أولئك حتى لا ينكروا المنكر إذا اعتقدوا أن هذا يكون عبادة الله # ومن جعل ما لم يأمر الله بمحبته محبوبا لله فقد شرع دينا لم يأذن الله به وهو مبدأ الشرك كما قال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله [سورة البقرة 165] # فإن محبة النفوس الصورة والصوت قد تكون عظيمة جدا فإذا جعل ذلك دينا وسمى لله صار كالأنداد والطواغيت المحبوبة تدينا وعبادة # كما قال تعالى وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم [سورة البقرة 93] # وقال تعالى عنهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم [سورة ص 6] # بخلاف من أحب المحرمات مؤمنا بأنها من المحرمات فإن من احب الخمر والغناء والبغي والمخنث مؤمنا بأن الله يكره ذلك ويبغضه فإنه لا يحبه محبة محضة بل عقله وإيمانه يبغض هذا الفعل ويكرهه ولكن قد غلبه هواه فهذا قد يرحمه الله إما بتوبة إذا قوى ما في إيمانه من بغض ذلك وكراهته حتى دفع الهوى وإما بحسنات ماحية وإما بمصائب مكفرة وإما بغير ذلك

# أما إذا اعتقد أن هذه المحبة لله فإيمانه بالله يقوي هذه المحبة ويؤيدها وليس عنده إيمان يزعه عنها بل يجتمع فيها داعي الشرع والطبع الإيمان والهدى وذلك أعظم من شرب النصراني للخمر فهذا لا يتوب من هذا الذنب ولا يتخلص من وباله إلا أن يهديه الله # فتبين له أن هذه المحبة ليست محبة لله ولا أمر الله بها بل كرهها ونهى عنها وإلا فلو ترك أحدهم هذه المحبة لم يكن ذلك توبة فإنه يعتقد أن جنسها دين بحيث يرضى بذلك من غيره ويأمره به ويقره عليه وتركه لها كترك المؤمن بعض التطوعات والعبادات # وليس في دين الله محبة أحد لحسنه قط فإن مجرد الحسن لا يثيب الله عليه ولا يعاقب ولو كان كذلك كان يوسف عليه السلام لمجرد حسنه أفضل من غيره من الانبياء لحسنه وإذا استوى شخصان في الأعمال الصالحة وكان أحدهما أحسن صورة وأحسن صوتا كانا عند الله سواء فإن اكرم الخلق عند الله أتقاهم يعم صاحب الصوت الحسن والصورة الحسنة إذا استعمل ذلك في طاعة الله دون معصيته كان أفضل من هذا الوجه كصاحب المال والسلطان إذا استعمل ذلك في طاعة الله دون معصيته فإنه بذلك الوجه أفضل ممن لم يشركه في تلك الطاعة ولم يمتحن بما امتحن به حتى خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ثم ذلك الغير إن كان له عمل صالح آخر يساويه به وإلا كان الأول أفضل مطلقا

# وهذا عام لجميع الأمور التي أنعم الله تعالى بها على بني آدم وابتلاهم بها فمن كان فيها شاكرا صابرا كان من أولياء الله المتقين وكان ممن امتحن بمحبة حتى صبر وشكر وإن لم يكن المبتلى صابرا شكورا بل ترك ما أمر الله به وفعل ما نهى الله عنه كان عاصيا أو فاسقا أو كافرا وكان من سلم من هذه المحنة خيرا منه إلا أن يكون له ذنوب أخرى يكافيه بها # وإن جمع بين طاعة ومعصية فإن ترجحت طاعته كان أرجح ممن لم يكن له مثل ذلك وإن ترجحت معصيته كان السالم من ذلك خيرا منه فإن كان له مال يتمكن به في الفواحش والظلم فخالف هواه وأنفقه فيما يبتغي به وجه الله أحب الله ذلك منه وأكرمه وأثابه # ومن كان له صوت حسن فترك استعماله في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير