تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن الفهارس المنهجية الحديثة لم تر النور عندنا إلا مع الحماية الفرنسية التي ارتأت بعد استقرارها بالمغرب ووقوفها على حالة خزانات الكتب أن تعيد تنظيمها وتعالج مخطوطاتها وتفهرسها على غرار ما حدث في الخزانات الأوروبية (57) وقد وقع الاهتمام أول الأمر بخزانات المساجد الجامعة وعلى الأخص خزانة جامع القرويين التي يشهد التاريخ بما قامت به من تكوين وتثقيف للعلماء والأدباء والفقهاء والفلاسفة عبر التاريخ، من جهة، ولأنها كانت تضم أهم مجموعة خطية في المغرب، من جهة ثانية. وهكذا، وبأمر من وزير العدل آنذاك العالم أبي شعيب الدكالي تكونت لجنة من الشيخ عبد الحي الكتاني والفقيه عبد الواحد الفاسي والعالم إدريس بنطلحة، بمساعدة وتنسيق المستشرق الفرنسي ألفردبل ( Alfred Bel) مندوب الكتابة العامة للحكومة الشريفة للتعليم الإسلامي بفاس (58)، وكلفت بالبحث في ما بقى من مخطوطات الخزانة وجمع شتاتها وترميم ما ينبغي ترميمه وتكميل الناقص منها من مجموعات مختلف خزانات المغرب ثم تنظيمها وفهرستها مع وضع الكشافات لتيسير استعمالها.

وبعد سنتين من التنقيب والعمل الجاد رأى النور أول فهرس منهجي لمخطوطات خزانة في المغرب (59).

بعد مقدمة لهذا العمل التقني الجاد بسط فيها عبد الحي الكتاني القول عن الوضعية المزرية التي آلت إليها هذه الخزانة، يقدم لنا الفهرس 1542 مخطوطا و98 مطبوعا حجريا مرتبة حسب الفنون التالية: التفسير – القراءات – الحديث – الفقه – النحو – اللغة – الأدب – الطب – الهندسة – التوقيت والمنطق – الأصول – المجاميع – التصوف- التوحيد وأخيرا الملحقات. وقد خص المفهرس كل مخطوط باسم مؤلفه وعنوانه، وعدد أجزائه، وحالته بالخزانة. ووعاءه (جلد أو ورق) ورقمه بالفهرس، وذكر أول سطر من المخطوط. وانتهى الفهرس بمسردين مرتبين ترتيبا ألفبائيا: أحدهما خاص بالعناوين وثانيهما خاص بأسماء المؤلفين.

أما الفهرس الشامل والأخير الذي وصف جميع محتويات هذه الخزانة الكبيرة التاريخية هو الذي وضعه القيم على الخزانة محمد العابد الفاسي (ت1975م) ونشره ابنه في أربعة مجلدات (60).

قدم ابن المؤلف الفهرس بمقدمة ضافية تحدث فيها عن والده مصنف الكتاب وأعطى نبذة تاريخية موجزة عن خزانة القرويين ثم تناول الحديث عن المحافظين الذين توالوا على رأس الخزانة بأمر من الملوك وأخيرا أشار إلى مصادر محتويات هذه الخزانة.

وإذا كان جمع هذا الفهرس قد تم بطريقة عشوائية ولم يخضع تأليفه لأي تصنيف أو ترتيب، فإن الجزء الأول منه قد اشتمل معظمه على مخطوطات القرآن وعلومه والحديث والسنة والفقه، واشتملت الأجزاء الثلاثة الأخرى على باقي الفنون، من أدب وبلاغة وفلسفة وطب وفلك وغيرها (61).

ويمتاز الفهرس بتلكم التراجم الضافية التي خص بها المؤلف العلماء والفقهاء والمفكرين وما نسب إليهم من أخبار ونوادر وما خلفوه من مؤلفات، الشيء الذي جعل صاحب التقديم يقول في الأخير: "فإن كتاب أبي عبد الله محمد العابد الفاسي ليس فهرسا للمخطوطات فحسب، بل هو كذلك معجم للأدباء" (62). أما فيما يخص وصف المخطوطات فإن المفهرس يذكر عنوان المخطوط ثم أجزاءه الأصلية وما هو موجود منها بالخزانة ثم اسم المؤلف الكامل ثم يشير إلى ما يعرفه من نسخ المخطوط المحفوظة في مختلف الخزانات الوطنية والدولية ثم يصف حالة المخطوط فيقول: " هو صحيح أو مبتور، ثم يصف نوع الخط، ثم الوقف إذا كان عليه تحبيس، ثم يشير إلى ما يحمله من هوامش وطرر وتعليقات وشروح ويختم وصفه بعدد الأوراق أو الصفحات، فعدد السطور، المقياس، فالناسخ، فالوعاء (جلد أو ورق)، وإذا كان جلدا فمن أي أنواع الجلد، ثم التسفير وأخيرا يذكر اسم الناسخ إن ذكر. وقد أنهى محمد الفاسي هذا الكتاب بفهرس خاص بأسماء المؤلفين في مجموع الأجزاء الأربعة باعتبارها حسب قوله المدخل الرئيسي لدى الباحث، وقد أخذ بعين الاعتبار الاسم العائلي نظرا لشيوعه ورسوخه في الحافظة أكثر من غيره وأتبعه باسم العلم واسم الأب تفاديا للخلط. وقبل وضع هذا الكشاف قال: "إن هذا الفهرس قصة مشوقة تملك الذهن وتحكم الوجدان"، إن قصة المخطوط العربي بالمغرب وعلى الخصوص بمركز إشعاعه، طوال قرون، بجامعة القرويين بفاس (63).

أما مسجد الجامعة الثاني فإن أول فهرس وضع له كان ذلكم الذي أنجز بأمر من الخليفة السلطاني المولى عبد الحفيظ عام 1329هـ. يقول مؤلفه إنه سطر الكُنّاشة على خمسة أضلاع: الضلع الأول لاسم المؤلف واسم الكتاب وتاريخ وفاة المؤلف. والثاني للنسخ الموجودة من قلم أو طبع. والثالث لعدد الأجزاء، والرابع لصفتها من صحيح أو متلاش، والخامس لنمرتها الخصوصية المرموز بحروف ن. خ والعمومية ن. ع.

وقد قسم المفهرس فهرسه الذي سماه "كناشة" إلى 18 بابا: المصاحف – القراءات – التعبير – الحديث – الصلاة على النبي – التوحيد – التصوف – الوعظ – الأصول – الفقه – التاريخ – اللغة – المنطق – الطب – النحو والصرف – الأدب – البلاغة – متنوعات.

وقد ختم هذه الكناشة التي وصف فيها 470 مخطوطا بالمصادر التي اعتمد عليها في عمله "ككشف الظنون" وابن خلكان وابن خلدون وآخرين.

أما الفهرس الأحدث الذي وضع لهذه الخزانة هو فهرس العالم الصديق بلعربي المسمى "فهرس مخطوطات خزانة ابن يوسف" بمراكش وهو أكبر حجما من الأول حيث وصف فيه صاحبه ما يقارب 2000 مخطوط. يبدو من خلال معاينة هذا الفهرس أن صاحبه حاول وضع فهرس دقيق للتعريف بالمخطوطات حسب الطرق الحديثة المتبعة في وضع الفهارس ولهذا أخذ بعين الاعتبار المواصفات التالية: رقم المخطوط – عنوانه – مؤلفه – أوله – فرغ من التأليف الناسخ – تاريخ النسخ – مكان النسخ – التملك –التحبيس – مكان التحبيس – نوع الخط- مسطرته – مقياسه – ملاحظات مختلفة – وقد وجه عناية كبرى إلى الصفحات الأولى والأخيرة من كل مخطوط لتسجيل ما يحمله من تحبيسات أو تملكات أو إجازات أو سماعات أو تقاريظ وتوقيعات وخطوط

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير