تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أعتقد أن وجود المخطوطات العربية في المكتبات الروسية كان مهما جدا لأن الغرب لا بد أن يفهم أهمية الحضارة العربية، ولكن كان لا بد من الناس الذين قدموا حياتهم -عدة أجيال- في دراسة هذه المخطوطات، ولبناء على هذه المخطوطات كتب ودراسات التي أصبحت مقدمة للغرب وللعالم ككل للحضارة العربية، لأن الآراء بصورة عامة تحتاج إلى ترجمة، ترجمة من حضارة إلى الحضارة، وهذا دور الدراسات الشرقية، والدراسات الشرقية لا يمكن أن يكون ثابتة وقوية وصادقة إلا باستناد على المخطوطات، لأن المخطوطات هي الوثائق، الوثائق الأصلية، والدراسات الشرقية لها أهمية حقيقية، والأهمية الحقيقية هي التي تستند على المخطوطات والوثائق وعلى معرفة جيدة للمخطوطات والوثائق، لأنه لا يمكن الإنسان يكون متخصص في الدراسات العربية بدون أن يكون خبيرًا في المخطوطات، وقادرًا على قراءة المخطوطات، وفهم الارتباط بين المخطوط والمخطوط الآخر، وموضوع النصوص ودراسة النصوص ... وإلى آخره.

المخطوط وسيلة، والإنسان حتى ولو لا يقدر أن يقرأ العربية، إنما ينظر إلى المخطوط، أيضا رأيت هذا في معرض (بطرسبرغ) لأننا احناعرضنا كثير من المخطوطات للقرآن، ومخطوطات صنعا القديمة، والناس لا يفهمون لا يفهمون الكلمات، لكن يفهمون من هذه المخطوطات العمق الحضاري، وما يهمنا أن هذا الشيء العظيم والقديم، وهذا يسهل على حوار الحضارات، وهذا الشيء الأساسي في كل الدراسات الشرقية.

د. أنس خاليدوف / معهد الاستشراق في بطرسبرغ:

د. أنس خاليدوف

لو لم يكن هناك اهتمام بالمخطوطات العربية لما لقيت هذا الجمع لها في عاصمة الشمال الروسي (بطرسبرغ)، ويعود سبب الاهتمام بالدرجة الأولى بالمخطوطات ليس لأنها مخطوطات عربية فحسب، وإنما بالعالم الإسلامي أيضا، خاصة وأن روسيا تلاقت وتجاورت مع المسلمين ودولهم على مر السنين، في حدودها الجنوبية بدءا من آسيا الوسطى والقوقاز ومرورًا بإيران وانتهاء بتركيا التي كانت في القرن التاسع عشر إمبراطورية خضعت لها العديد من الدول العربية.

ومن جانب آخر تسعى روسيا للاهتمام بالمسيحيين العرب، وخاصة الأرثوذكس القريبين من الكنيسة الروسية، والأهم أن الأماكن المقدسة موجودة في العالم العربي، وبشكل خاص في القدس وما حولها، وهذا يدخل أيضا في اهتمامات روسيا.

أكرم خزام:

وفي مكتبات ومعاهد بطرسبرغ نعثر أيضًا على عناوين متنوعة وعديدة تشمل اختراعات العرب ومساهماتهم في مختلف جوانب العلوم اللغوية والفلسفية والرياضيات والطب، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: نبذة من تاريخ العرب، ونبذة من كتب الطب والفلسفة، والمجلد الأول لكتاب المواعظ والاعتبار للمقريزي، ومنتجات من لزوم ما يلزم لأبي العلاء المعري، والمقامات للقاسم بن علي الحريري، ومقالة لأقليمون في الطبائع وعن الحرارة والبرودة والرطوبة والمرارة والحلو والمر وإلى غير ذلك، وكتاب الشفاء في المنطق لابن سينا، وكتاب المفضل [المفصل] في النحو للزمخشري، وأجزاء من كتاب الأغاني لأبي الفرج على الأصفهاني، والمجلد الأخير من الكامل في التاريخ لابن الأثير، وكتاب قصص الأنبياء، والجزء الأول من السيرة النبوية لعلي بن برهان الدين الحلبي، وروضة العلماء ونزهة الفضلاء للبخاري. كما نعثر أيضا على الرسالة الموسومة بحق اليمين في معرفة رب العالمين للتبريزي، والرسالة القدسية في أسرار النقطة الحسية لمحيي الدين بن عربي.

ورغم اهتمام الباحثين والاختصاصيين بالمخطوطات العربية إلا أنها -وبفعل عوامل كثيرة- تتعرض تارة للاهتراء وللتلف تارة أخرى، ناهيك بعدم وضعها وترتيبها في مناخ صحي يساعد في الحفاظ عليها، كما تتعرض أيضا إلى محاولات السرقة من قبل رجال المافيا. ويذكر أن أحدهم أقدم على سرقة مخطوطة نفيسة للقرآن وضعت في أنبوب معدني، وهي قطعة نادرة للغاية حاول بيعها بمائة مليون دولار، لكن السلطات الأمنية قبضت عليه صدفة، وأعادت هذه المخطوطة إلى المكتبة الوطنية التي تذخر [تزخر] أيضا بالعديد من المخطوطات العربية النادرة.

د. ميخائيل بياتروفسكي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير