تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

• الثاني: أنَّه أقدرُ عنوانٍ وأصدقُه للتعبير عن مضمون الكتاب، وأصلحُ اسم بأن تُختصر فيه موضوعات الكتاب، وغاياته، وصفحاته ومُجلَّداته، في كلمة أو كلمات يسيرات لأن واضع هذا العنوان هو أعرف الناس بذلك الكتاب، ومراميه وخوافيه، كما سبق بيانه.

• الثالث: أنه كثيرًا ما يُضيف إلى الكتاب ما ليس فيه، لأن كثيرًا من العناوين تتضمن الملامح العريضة لخُطَّة الكتاب وشرْطه ومقصوده، مما قد تخلو عن بعضه مقدمة الكتاب، بل قد لا يكون للكتاب مقدمة، فلا نعرف خطة الكتاب وشرطه إلا من خلال العنوان الصحيح. وضرب لذلك عدة أمثلة، نذكر منها: (صحيح البخاري)، الذي حقَّق الشيخ عبد الفتَّاح أبو غُدَّة –رحمه الله- اسمه ضمن جزء مفرد سماه بـ (تحقيق اسمي الصحيحين واسم جامع الترمذي)، وتوصّل إلى أن العنوان الصحيح للكتاب هو: (الجامعُ المسنَد الصحيح المختصَر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيَّامه). فقوله (الجامع) إعلان عن شموله لأبواب العلم وعدم اقتصاره على أحاديث الأحكام. وقوله (المسند) بيان بأنَّ شرط الصحة في الأحاديث المُسْنَدَة وحدها دون المُعلَّقة، فانتفى الاعتراض بعدم التسليم بأوليَّة الإمام البخاريّ في جمع الأحاديث الصحيحة مُجرَّدة ممَّا سواها، بحجة أنَّ في الصحيح مُعَلَّقات كما أنَّ في موطأ الإمام مالك مراسيل وبلاغات. وكذلك الأمر في شرط البخاريّ الصحة في رجال أحاديثه المُسْنَدة دون المُعَلَّقة. وقوله (الصحيح) أذانٌ باشتراط الصِّحة في الكتاب، لا أن وصفه بالصحيح كان استنباطًا من تصرفه. وقوله (المختصر) ردٌّ على ادعاء بعض أهل الجهل أنَّه لا يصح عند أهل الحديث إلا هذا القدر من الأحاديث. ويُقْفِلُ أيضًا باب الإلزام للبخاري بإخراج كل صحيح على شرطه في كتابه هذا دون سواه.

• الرابع: أن العنوان الصحيح له أحيانًا فوائد علمية متعدِّدة، مباشرة وغير مباشرة، ما دام مجزومًا صُدوره من المؤلف. فقد نعرف من العنوان مذهب المؤلف في إحدى مسائل العقيدة أو الفقه أو اللغة. وأورد مثالين، أفادنا العنوان الصحيح لأحدهما في تحرير معنى أحد مصطلحات علوم السنة، فراجعها إن شئت.

• الخامس: أنَّ التزام العنوان الصحيح يقي من ظنّ الكتاب الواحد كتبًا متعدِّدة مُتباينة.

• السادس: أنَّ العنوان الصحيح أفضل شريحة مُخْتَبَرِيِّة تُستقطَع من الكتاب، لدراسة المؤلف: علمه، ولغته، وبلاغته، ودقَّته، وشخصيَّته وطباعه، وأيضًا خصائص عصره اللغويّة، والمستوى الحضاري للأمَّة.

ثم عَرَض المؤلف في ختام كلامه عن أهمية العنوان الصحيح، إلى شبهة توارد العلماء –قديمًا وحديثًا- على عدم التزام الأسماء الصحيحة الكاملة للكتب، عند عزْوهم إليها في مصنفاتهم، أو عند ذكرهم لمؤلفات بعض من يترجمون له، فيترخّصون غايةَ الترخُّص في اختصار أسماء الكتب، وربما في التصرُّف في ألفاظها أيضًا. ويَرُدُّ عليهم بتنبيههم بوجود فرق كبير بين العنوان الذي يوضع على غلاف الكتاب المحقق، وبين اسم الكتاب الذي يأتي عَرَضًا لغرض الإحالة أو لأي غرض آخر مثله.

ثم تأتي ثالث مباحث الكتاب وأهمها ببيان مفصَّل لوسائل معرفة العنوان الصحيح للكتاب حسب ما ارْتآها المؤلفُ، وقد رتبها ترتيبًا تنازُليًا، مع توجيه هذا الترتيب:

1. أن يكون العنوان على طُرّة الكتاب وبخطِّ المؤلِّف، سواء كانت النسخة ذاتها بخط المؤلف أو بخط أحد تلامذته أو نُسَّاخه. وتقديم هذه الوسيلة على ما بعدها لسببين: لكون العنوان بخط المؤلف، ولكونه في موضعه الحقيقي.

2. أن يُسَمِّي المؤلِّفُ كتابَه في المقدمة تسميةً صريحةً، كقوله مثلاً: ((وسميته بكتاب كذا)). وسبب تأخُّر هذه الوسيلة عن سابقتها أن موضع ذكر العنوان فيها ليس موضعه الحقيقي. ولذلك فلو وجدنا مخالفة بين عنوان واجهة الكتاب الذي خطَّهُ المؤلف، وتسميته له في مقدمته، فإنّنا نُقَدِّم العنوان على اسم المقدمة، لمَا تقرَّر من عدم مرادفة العنوان والاسم لغةً، غير أنَّه غالبًا ما يكون في تسمية المقدمة تجوُّز في التعبير عن العنوان، بالاختصار أو الشرح أو التعبير بالمعنى. وعليه فالنزول على رغبة المؤلف واجبة، فيُكتب على واجهة الكتاب ما كَتبه، وتُذكر تسمية المقدمة في سياقها. فإن أبى المحققُ إلا التدخُّل، فليكتب عنوان الكتاب كما كتبه المؤلّف، وليكتب تحته بخط أصغر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير