ـ[الحارث السماوي]ــــــــ[07 - 03 - 2007, 08:48 م]ـ
ميمونة بنت الحارث
ميمونة بنت الحارث بن هلال أحد أشراف قريش وسادتها، وأحد زعائم مكة. أمها: هند بنت عوف سيدة من سادات أم القرى اللواتي اشتهرن بالفضل والنسب الرفيع.
أمن ميمونة هي خالة خالد بن الوليد. خالد هو فارس الإسلام، وسيف الرحمن، ومُذِل المشركين. وكذلك هي خالة عبد الله بن عباس حبر الأمة، وفقيه الفقهاء، وابن عم المصطفى صلى الله عليه وسلم.
أختها أم الفضل هي زوجة العباس بن عبد المطلب عم النبي. وسلمى أختها الأخرى هي زوجة حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء، وعم النبي الكريم. من خلال ما تقدم، نجد أن عائلة سيدتنا ميمونة مليئة بالمصاهرة مع سيدنا محمد. وأتت أمنا ميمونة لتكمل هذه السلسلة المباركة، وتكون أما للمؤمنين.
إن أمنا ميمونة – رضي الله عنها – واخواتها من سادات النساء، وممن شهد لهن الرسول الكريم بالإيمان. وهل تعدل بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا؟
ولدت سيدتنا ميمونة – رضي الله عنها – قبل نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بست سنوات. وتزوجت من مسعود بن عمرو. وكان أصيلا، جميلا، غنيا، فيه كبرياء الجاهلية، وغطرسة الشرك.
كانت ميمونة كثيرة التردد على أختها أم الفضل زوجة العباس. فأم الفضل هي الكبرى بين أخواتها، وفي صدرها رحابة، وفي قلبها حنان. وهي ذات حكمة فتجد كل أخواتها يستشرنها في أمورهم بعد وفاة والدتهم.
وفي بيت أختها أم الفضل، كانت ميمونة تصغي بشوق وإهتمام الى بعض تعاليم الإسلام، والى أخبار المسلمين. لم يطل زواجها من مسعود كثيرا، فسرعان ما تم الفراق بين أم المؤمنين وزوجها الكافر. هيا نعود معا الى أصل هذا الفراق، وكيف حصل.
كانت ميمونة في بيت شقيقتها أم الفضل عندما علم العباس أخبار المسلمين في خيبر، وانتصارهم على اليهود. ففرحت كثيرا، وأظهرت فرحتها.
وحين عادت الى بيت الزوجية، كانت هي سعيدة، مستبشرة بفوز المسلمين. وكان هو مغموما حزينا بسبب انهزام المشركين في تلك المعركة.
فتشاجرا، واشتد الخلاف بينهما. ثم أعلن مسعود مفارقتها. فخرجت من عنده الى بيت العباس بن عبد المطلب تقيم عنده.
لقد فارقت مسعود غير آسفة، ولا حزينة. بل منشرحة الصدر، نفسها راضية. فتحررت إرادتها بهذه المفارقة، وأصبحت حرة في الإختيار، والسلوك، والسير على الصراط المستقيم.
كانت ميمونة تنظر الى حشود المسلمين، وطوافهم، ودعائهم، وتستمع الى تلبيتهم. وكانت تبكي من عِظَم ما رأته، وهي مبتسمة.
كانت ميمونة – رضي الله عنها – مؤمنة تكتم إيمانها في أجواء مكة الكافرة، فإذا بهذا الإيمان عند رؤية النبي الكريم وأصحابه يتفجر، فأعلنت إسلامها على الملأ.
لم تتوقف عند هذا الحد، بل أرسلت العباس بن عبد المطلب – رضي الله عنه – ليعرض رغبتها في الزواج من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. فقبل سيدنا محمد، ولبى نداء النفس الزكية الطاهرة، والقلب الجياش بالإيمان.
كانت مدة الأيام الثلاثة قد انتهت. هذه الأيام نص عليها صلح الحديبية. وعلى أساسها أقام المسلمون العمرة بعد عام من هذا الصلح. ووجب عليهم فقط أن يمكثوا في مكة لأداء العمرة 3 أيام فقط.
كما قلنا، كانت مدة الثلاثة أيام قد انتهت، فعرض عليهم سيدنا محمد أن يتركوه يُجري عرسه في مكة، ويحضر المشركون وليمة العرس.
أراد سيدنا محمد أن يتخذ من زواجه من ميمونة ذريعة لإطالة إقامتهم. وليجدد الحوار بينه وبين القرشيين. لعل الله سبحانه وتعالى يهديهم الى الإسلام.
ثم أقام، صلى الله عليه وسلم، حفلا دعا فيه أكابر قريش. وفي أثناء الحفل الكريم، أعلن سيدنا محمد ذواجه من ميمونة. وحفاظا منه على نصوص معاهدة الحديبية، لم يتزوجها في مكة بسبب انقضاء مهلة الثلاثة أيام. ثم تزوجها في سَرَف.
كانت هذا المرة الأولى التي يدخل فيها سيدنا محمد مكة منذ أن خرج مهاجرا في سبيل الله. مدة الإقامة في المدينة المنورة بعيدا عن مكة هي سبعة أعوام كاملة.
دخلت ميمونة البيت النبوي ولم تتجاوز الست وعشرين. فأحست بهذا الزواج المبارك كأنها ارتفعت حتى كادت تلامس نجوم السماء.
أخذت ميمونة تستمع الى الأحاديث النبوية من الرسول الكريم، وتهتدي بما يقوله. فكانت تُكثر من الصلاة في المسجد النبوي الشريف. فهي سمعت النبي الكريم يقول: " صلاة في مسجدي هذا، أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ".
وضم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام اليها في بيتها شقيقتها سلمى أرملة عمه حمزة، وشقيقتها عمارة التي لم تتزوج بعد. فجعل في هذا البيت ركنا لذوي الفضل، وممقصدا لأهل الخير، ومحجة لطلبة العلم من الصحابيات الجليلات.
تمسكت أمنا ميمونة بأوامر الله سبحانه وتعالى، وتطبيق السنة النبوية المطهرة. زكتها أم المؤمنين عائشة بعد وفاتها قائلة: " ذهبت والله ميمونة، أما أنها كانت من أتقانا لله، وأوصلنا للرحم ".
روت ميمونة 76 حديثا. ما اتفق عليه الشيخان هو 13 حديثا.
من الأحاديث التي روتها:
1. الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة.
2. ما من مسلم يستدين، ويعلم الله منه أنه يريد أداء هذا الدين، إلا أداه الله عنه في الدنيا.
3. صلاة في مسجدي هذا، أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.
بلغت ميمونة 51 عاما. أمضتها صلاحا وتقوى. كانت وفية لذكرى رسول الهدى، ومعلم الإنسانية، محمد بن عبد الله، صلوات الله وسلامه عليه. وتوفيت في خلافة معاوية – رضي الله عنه.
من كثر حبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، توفيت في نفس المكان الذي تزوجت به سيدنا محمد، وتحت نفس الشجرة في سَرَف. ودفنت تحت تلك الشجرة.
¥