تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[قراءة في كتاب "فقه اللغة وسر العربية" لأبي منصور للثعالبي]

ـ[منسيون]ــــــــ[09 - 04 - 2007, 08:55 م]ـ

كتاب فقه اللغة وسر العربية للثعالبي

مؤلف الكتاب:

هو عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي النيسابوري، ولد سنة 350 للهجرة وتوفي سنة 430 للهجرة لقب بالثعالبي لأنه كان فرَّاء يخيط جلود الثعالب ويعملها وإذا عرفنا أنه كان يؤدِّب الصِّبيان في كُتَّاب استطعنا أن نقول أن عمل الجلود لم يكن صناعة يعيش بها ويحيا لأجلها بل كانت من الأعمال التي يعالجها المؤدِّبون في الكتاتيب وهم يقومون بالتأديب والتعليم.

عاش الثعالبي بنيسابور وكان هو ووالد الباخرزي صِنوَين لَصيقَي دار وقريني جوار تدور بينهما كتب الإخوانيات ويتعارضان قصائد المجاوبات. ونشأ الباخرزي في حجر الثعالبي وتأدب بأدبه واهتدى بهديه وكان له أبا ثانيا يحدوه بعطفه ويحنو عليه ويرأف به. ذكر تلك الصلة الباخرزي ونقل عن الثعالبي فيما نقل عنه في كتابه " دمية القصر " أشعارا له رواها أبوه عنه إلا أنه لم يذكر لنا شيئا مما جرى بين الشيخين الصديقين.

وكان الثعالبي واعية كثير الحفظ فعُرف بحافظ نيسابور وأوتي حظا من البيان تميز فيه أقرانه فلقب بجاحظ زمانه، وعاش بنيسابور حجَّة فيما يروي، ثقة فيما يحدِّث، مكينا في علمه، ضليعا في فنه فقصد إليه القاصدون يضربون إليه آباط الإبل بعد أن سار ذكره في الآفاق سير المثل.

كتاب فقه اللغة وسر العربية:

وهو الكتاب الثاني في العربية الذي حمل هذا الاسم بعد كتاب ابن فارس (فقه اللغة)، قدم الثعالبي كتابه إلى الأمير أبى الفضل عبيد الله بن أحمد الميكالي ت 436هـ الذي أفرد جزءا كبيرا من مقدمة الكتاب لمدحه، والثعالبي يذكر أن صحبته لأبي الفضل هي التي أوحت إليه بمادة الكتاب كما أن أبا الفضل هو الذي اختار له عنوانه، وإن كنا نرجح أنه كان ينظر فيه إلى عنوان كتاب ابنِ فارس الذي ذكره في مقدمته بين من ذكرهم من علماء العربية الذين رجع إليهم وأفاد من أعمالهم.

والغاية من تأليف الكتاب هي خدمة النص القرآني توصلا إلى فَهم أحكامه فهو يقول:" أما بعد حمد لله على آلائه والصلاة والسلام على محمد وآله، فإن من أحب الله أحب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومن أحب الرسول أحب العرب، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي بها نزل أفضل الكتب على افضل العرب والعجم، ومن أحب العربية عُني بها وثابر عليها وصرف همته إليها ... ".

والحقيقة أن الثعالبي قد اعتمد على كتاب ابنِ فارس اعتمادا كبيرا حتى إنه نقل عنه أبوابا بأكملها لم يغير عناوينها ولا المادة التي تحتويها، من أمثلة ذلك " فصل في إضافة الشيء إلى من ليس له لكن أضيف له لاتصاله به" "وفصل في الإشباع والتوكيد" و " فصل في النحت" وغير ذلك من الفصول المشتركة بين الكتابين.

أما الهيكل العام للكتاب فقد قسمه صاحبه إلى قسمين، سمى القسم الأول (فقه اللغة) ضمّنه ثلاثين بابا، ويشتمل كل باب على عدة فصول، وهذا القسم عبارة عن (معجم) من نوع خاص، جمع فيه الألفاظ المتصلة بموضوع واحد، ثم رتبها حسب الموضوعات، بدأها بباب في الكليات " وهي ما أطلق أئمة اللغة في تفسيره لفظةَ كل، من ذلك: كل ما علاك وأظلك فهو سماء. كل ارض مستوية فهي صعيد. كل حاجز بين الشيئين فهو موبق. كل بناء عال فهو صرح.

وهكذا نجد أبوابا في أوائل الأشياء وفي صغائرها وفي الطول والقصر وفي أسنان الناس والدواب وفي الامراض والداءات وفي الأطعمة والأشربة وما يناسبها.

وفي هذا القسم (فقه اللغة) معجم خاص يمكن إدراجه في الدراسة المقارنة، يجمع فيه عددا من الألفاظ يقارن فيها بين العربية والفارسية والرومية، فيعقد الباب التاسع والعشرين للحديث " فيما يجري مجرى الموازنة بين العربية والفارسية، ويقسمها فصولا تستحق الدراسة هي فصل في سياقه أسماء فارسيتها منسية وعربيتها محكية مستعملة، وفصل يناسبه في أسماء عربية يتعذر وجود فارسية أكثرها، وفصل في ذكر أسماء قائمة في لغة العرب والفرس على لفظ واحد، وفصل فيما حاضرتُ به مما نسبه بعض الأئمة إلى اللغة الرومية".

أما القسم الثاني فهو الذي سماه (سر العربية) وقد صرح هو بذلك في مقدمة الكتاب حين قال (وشفعته بسر العربية)، ويبدو لنا أن معنى شفعته هنا انه أراد أن يجعل هذا القسم ملحقا للقسم الأول الذي هو هدفه الرئيسة من التأليف، وكأنه نظر إلى ابن فارس أيضا حين قرن "فقه اللغة بسنن العربية"، أي أن هذا القسم لم يكن منظورا إليه على أنه من صلب الكتاب، بدليل أنه لم يضمنه مقدمته التي فصّل فيه الحديث عن أبواب القسم الأول فقط.

ومهما يكن من أمر، فقد فصل هو بين "فقه اللغة" و "سر العربية" بقوله في أوله

(القسم الثاني مما اشتمل عليه الكتاب وهو سر العربية في مجاري كلام العرب والاستشهاد بالقرآن على أكثرها).

وهذا القسم يشتمل على جوانب مختلفة من الدرس اللغوي دون أن يكون بينا رابط، ودون أن يكون هناك منهج يدرج موضوعاتها أقساما محددة، ونجد انه تحدث عن جوانب صوتية مختصرة كظاهرة الاتباع مثلا، و جوانب صرفية فيما كتبه عن أبنية الأفعال و في المفعول يأتي بلفظ الفاعل والفاعل يأتي بلفظ المفعول، وجوانب نحوية تشمل الفصول التي خصصها للحروف بطريقة مختصرة جدا، وأخيرا جوانب بلاغية تشمل ألوانا من البيان والمعاني والبديع حيث نجد عن التشبيه والاستعارة والمجاز والتجنيس والطباق ... الخ.

ونستطيع أن نفهم من هذا القسم انه أراد أن يعرض لبعض الخصائص أو القوانين التي تتميز بها العربية في استعمالاتها المختلفة. وقد كان واضحا في قصره فقه اللغة على دراسة الألفاظ اللغوية على ما هو واضح في القسم الأول.

المرجع:

1 - كتاب فقه اللغة في الكتب العربية، عبده الراجحي.

2 - مقدمة كتاب فقه اللغة وسر العربية للثعالبي.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير