تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأريد منك أن تبدأ معي من ملاحظة هذا الاختلاف الواضح بين هذه الأحرف وباقي المجموع القرآني الكريم على اتساعه وهو ما يميز هذه الأحرف عن باقي هذا النص الإلهي في مجموعه هذا الاختلاف المتمثل في كون هذه الأحرف المقصودة هي أحرف تميزت بصفتها هذه بمقابلة باقي الكلام القرآني الإلهي الذي هو كلمات ولك أن تلحظ بعد ذلك أن اللغة على المستوى الإنساني تبدأ بأول عناصرها الحاملة للمعاني وهي الكلمات حيث يبدأ مع هذه المعاني التواطؤ والإتفاق بين أفراد الجماعة الذين يتكلمون بذات اللغة ويستخدمونها آداة للتفاهم فيما بينهم في حين تبقى الأحرف دون ذلك مجموعة من الأصوات الخالية من المعنى والتي لا حقيقة ولا وظيفة لها إلا أن تتركب الكلمات منها وعلى هذا لا يكون للألف معنى ولا للميم أو للام لحقيقة كونها حروفا في حين يكون لألفاظ مثل بيت سماء إنسان نار معان يختص بها كل لفظ ويفهمه مجموع البشر الذين يستخدمونها في مجال لغوي واحد وأحسبك الآن قد بدأت تفتح عين بصيرتك على ما أود قوله فإصبر معي لأزيدك بيانا.

إن القرآن من حيث هو كلمات وجمل تتركب من هذه الكلمات لتصوغ المعاني المقصودة على أكمل صور البلاغة وأتم أحوال البيان إنما قام بذلك باستخدام هذه اللغة العربية التي نعرفها على أرضنا وتتكلم بها ألسنتنا وتم ذلك بمرعاة معاني ألفاظها وقواعد نحوها وأساليب بيانها دون أدنى خلل في الإلتزام بهذه القواعد وبدرجات الكمال الأعلى من حيث إستخدام هذه الأساليب ونفهم ذلك بملاحظة أن كتب اللغة والبيان تمثل في غالب الأحوال لقواعد النحو كما لأساليب البيان بالنصوص القرآنية كما بأشعار وأقوال العرب حيث يكون من السهل في باب التمثيل أو في باب التدليل حين التصريح بوجوب كون الفاعل مرفوعا والمفعول به منصوبا اللجوء إلى النصوص القرآنية لتبين ذلك مع إستخدام الكلام البشري من شعر وغيره لذات الغرض أيضا وعلى ذلك يصح القول بأن القرآن صيغ على لسان العرب إلا أن الأمر

مختلف إذا ما تعلق بهذه الأحرف التي إفتتحت بها بعض السور.

وذلك لأن الحروف ليست بذات معنى على مستوى اللغة البشرية لكن الأمر ليس على هذه الصورة بالنسبة للعلم الإلهي إن الوحي الإلهي يخبرنا بهذه الأحرف في بدايات السور أنه إذا كانت اللغة العربية شأنها شأن أية لغة أخرى تبدأ في عالم البشر من الكلمة التي يتفق على معناها فإن هذه اللغة العربية تبدأ من أصل سماوي تكون فيه أحرفها ذاتها حاملة لمعان إختصها بها الله عز وجل في علمه ا لأزلي فيصح القول لذلك أن للألف معنى وللميم معنى وللحاء معنى وهكذا الأمر مع كل الحروف الأخرى كل حرف منها على حدة له معناه الخاص.

وعلى هذا تكون اللغة العربية نموذجا بارزا لاجتماع الغيبي والأرضي في شيء واحد نموذجا يمثل بدرجة ظاهرة من الوضوح جريان الأحكام الغيبية والأحكام الدنيوية في عالم الشهادة جريانهما في خطين متوازيين ينتهيان إلى ذات النتيجة أو في مجرى واحد له مصب واحد وهو موضوع واسع قد يطول شرحه لكنه يخرجنا عن موضوعنا الذي أردنا الحديث عنه

فإذا عدنا إلى حديثنا عن اللغة العربية إذن كان بوسعنا أن نقول إن هذه اللغة المباركة التي يحتفل بذكرى تأسيس مجمعها في القاهرة هي لغة تتيح لنا إذ نتكلم بها أن نستخدم أداة غيبية أو ذات أصل غيبي إن أرضاك هذا التعبير ومن هنا يكون من حقنا أن يتضخم إعتزازنا بهذه اللغة الجارية في عروقنا كمثل جريانها على ألسنتنا وأن تلين ألسنتنا لمعانيها ومبانيها معربة مع كل كلمة تنطق بها عن محبة تداخلت في نسيج خلايانا حتى صارت من محبة الذات.

ـ[الجنرال رومل]ــــــــ[01 - 04 - 2007, 12:35 ص]ـ

جزاك الله خيرالجزاء بداية موفقة ..

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير