ـ[أنا البحر]ــــــــ[15 - 11 - 2005, 03:37 م]ـ
1 - أولويات في مجال تحقيق النصوص:
يمثل التحقيق العلمي للتراث النحوي المنطلقَ، ونقطة البدء لأي نهضة لغوية راشدة، ولذلك بادر الأفراد والمؤسسات منذ ما يزيد عن القرن والنصف إلى جعل مسألة تحقيقه فوق كل اعتبار، لكن العملية رغم حرص كثير من الجهات - أفرادا ومؤسسات - على تنظيمها، ظلت تعاني من التلقائية والانتقائية والفوضى.
ويمكن معالجة الأمر وفق النظر في إنجاز ما يلي:
أ - فهرسة الأعمال المحققة تحقيقا جيدا:
تعتبر فهرسة الأعمال المحققة من أولوية الأولويات، وإن الباحث في الدراسات النحوية ليستغرب حين لا يجد فهرسة كاملة شاملة قابلة للتحديث، يعود إليها للتحقق من عمل ما، فعلى الرغم من وجود بعض فهارس المطبوعات، وفهارس الرسائل الجامعية إلا أنها لا تشفي غليلا، فوق كونها مليئة بالتضارب والشطب، ُمفهِرسة للمُنجز وغير المُنجز.
وعملية فهرسة المصادر النحوية المحققة، مطبوعة ومرقونة - على يسرها وإمكانها - تعد من أجلّ الأعمال، لأنها تزود الباحث بالمراد، وتبعده عن التخبط والتكرار.
ويمكن الاستعانة في هذا السياق بالمفهرس الآلي العربي، الذي يُمكِّن عن طريق الحاسوب من القيام بمجموعة من أصناف الترتيب، وقد طورت شركة صخر هذا البرنامج الذي يحتوي على مستويات مختلفة من الفهرسة، كما توجد به نسخة من HTML للإنترنت.
وهذا ما ُيمكّن من العمل الجماعي في الفهرسة - إذا استُحدث موقع للتراث النحوي على شبكة الإنترنت- دون عناء وبدقة عالية، ويجعل الفهرسة متاحة لملايين المستخدمين، ويُمكّن كل باحث من الإسهام فيها عن طريق مراسلة الموقع وإمداده بما يتم العثور عليه من جديد.
ب - فهرسة التراث النحوي غير المحققٍ، مطبوعا ومخطوطا:
تتمثل النقطة الثانية في فهرسةِ التراث النحوي غير المحقق مطبوعا ومخطوطا وجمعِه على صعيد واحد، انطلاقا من كتب التراجم والطبقات، ومصادر التراث وفهارس الخزائن العامة والخاصة، بحيث يصير مُزِّودا للأقسام العلمية بالمؤسسات الجامعية، وُممِّدا للباحثين والمهتمين في كل مكان.
ومن المؤلم أن عددا من الغيورين على هذا التراث ينفقون ميزانيات ضخمة جدا في تصوير المخطوطات من شتى بقاع العالم، لكنهم يعملون دون إحصاء ولا تخطيط، بل إن كثيرا منهم يتنافس في تكثير سواد الممتلكات، وفي المحصلة، مخطوطات مكررة في عشرات المراكز بعشرات النسخ، ويظل المفقود مفقودا، والمبتور مبتورا، وكان الأولى أن يتم التعاون على تصوير ما لم يصور، والتكامل في اقتناء الموجود والبحث المشترك عن المفقود، ترشيدا للإنفاق وتسديدا للجهود!
جـ - ترتيب ما ينبغي تحقيقه وفهرسته وفق الأولويات:
لا بد من ترتيب ما ينبغي تحقيقُه بعد جمعه وفهرسته وَفق أولويات، وقد بدا لي أن الأولويات يمكن أن نستخلصها من مقاصد التأليف في تراثنا العربي والإسلامي، والتي رصدها عدد من الأئمة منهم ابن خلدون في سبعة مقاصد:
1 - استنباط العلم بموضوعه، وتقويم أبوابه وفصوله (7) (كما فعل سيبويه في علم النحو، والشافعي في علم الأصول، وابن جني في علم اللغة، والجرجاني في علم البلاغة ... ) فتحقيق المخطوط التي هذه أوصافه مقدم على غيره، لأنه مُؤسس للعلم مُبدع فيه، غير مسبوق إليه (8)
2 - شرح ما استغلق من كتب الأولين (مثل شروح كتاب سيبويه، وشروح كتاب الجمل، وشروح المفصل، وشروح التسهيل ... ) وهذا الضرب يأتي في المرتبة الموالية، لأنه يقوم على غيره، فلا ينبغي أن يتقدم عليه.
3 - تصحيح أخطاء من تقدم (مثلما فعل الغندجاني في فرحة الأديب، حيث نبه على أخطاء السيرافي في شرحه لشواهد سيبويه، ومثلما فعل ابن هشام اللخمي الذي نبه على أخطاء الأعلم الشنتمري في شرحه لشواهد الكتاب، ومثلما فعل أبو عبيد البكري في كتابه " التنبيه على أوهام القالي في أماليه "، ومثلما فعل ابن بري في كتابه " التنبيه والإيضاح عما وقع في الصحاح ... ) وهذا النوع يلي في الترتيب سابقيه.
4 - إتمام ما نقص من مسائلَ وأبوابٍ وفصول في فن بعينه (مثلما فعل الزبيدي في كتابه الاستدراك على أبنية سيبويه ... )
5 - ترتيب مسائل في أبوابها، مثلما فعل السيوطي في الأشباه والنظائر ...
¥