تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

للصوفية ـ خصوصا ـ المتأخرين منهم منهج في الدين والعبادة يخالف منهج السلف، ويبفعد كثيرا عن الكتاب والسنة. فهم قد بنوا دينهم وعبادتهم على رسوم ورموز واصطلاحات اخترعوها، وهي تتلخص فيما يلي:

1 ـ قصرهم العبادة على المحبة، فهم يبنون عبادتهم لله على جانب المحبة، ويهملون الجوانب الأخرى، كجانب الخوف والرجاء، كما قال بعضهم: أنا لا أعبد الله طمعا في جنته ولا خوفا من ناره ـ ولا شك أن محبة الله ـ تعالى ـ هي الأساس الذي تبنى عليه العبادة. ولكن العبادة ليست مقصورة على المحبة كما يزعمون، بل لها جوانب وأنواع كثيرة غير المحبة كالخوف والرجاء والذل والخضوع والدعاء إلى غير ذلك، فهي كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية .. (* (اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة) *) ..

ويقول العلامة ابن القيم

وعبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عابده هما قطبان

وعليهما فلك العبادة دائر ما دار حتى قامت القطبان

ولهذا يقول بعض السلف: من عبدالله بالحب وحده هو زنديق، ومن عبده بالرجاء وحده هو مرجئ، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالحب والخوف والرداء فهو موحد. وقد وصف الله رسله وأنبياءه، بأنهم يدعون ربهم خوفا وطمعا، وأنهم يرجون رحمته ويخافون عذابه، وأنهم يدعونه رغبا ورهبا. قال شيخ الاسلام ابن تيمية ـ يرحمه الله ـ: (* (ولهذا قد وجد في نوع من المتأخرين من انبسط في دعوى المحبة حتى أخرجه ذلك إلى نوع من الرعونة والدعوى التي تنافي العبودية) *) .. وقال أيضا: (* (وكثير من السالكين سلكوا في دعوى حب الله أنواعا من الجهل بالدين، إما من تعدى حدود الله، وإما من تضييع حقوق الله. وإما من إدعاء الدعاوى الباطلة التي لا حقيقة لها. (5) .. ) *)، وقال أيضا: (* (والذين توسعوا من الشيوخ في سماع القصائد المتضمنة للحب والشوق واللوم والعذل والغرام كان هذا أصل مقصدهم، ولهذا أنزل الله اية المحبة محنة يمتحن بها المحب، فقال: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} .. (ال عمران)، الأية: ' 31 '. فلا يكون محبا لله إلا من يتبع رسوله، وطاعة الرسول ومتابعته لا تكون إلا بتحقيق العبودية، وكثير ممن يدعي المحبة يخرج عن شريعته وسنته، " صلى الله عليه وسلم "، ويدعي من الخيالات ما لا يتسع هذا الموضوع لذكره، حتى يظن أحدهم سقوط الأمر ـ وتحليل الحرام له) *) .. ، وقال أيضا: (* (وكثير من الضالين الذين اتبعوا أشياء مبتدعة من الزهد والعبادة على غير علم ولا نور من الكتاب والسنة وقعوا فيما وقع فيه النصارى من دعوى المحبة لله مع مخالفة شريعته وترك المجاهدة في سبيله ونحو ذلك. انتهى.

فتبين بذلك أن الاقتصار على جانب المحبة لا يسمى عبادة بل قد يؤول بصاحبه إلى الضلال بالخروج عن الدين

2 ــ الصوفية في الغالب لا يرجعون في دينهمة وعبادتهم إلى الكتاب والسنة والاقتداء بالنبي، " صلى الله عليه وسلم "، وإنما يرجعون إلى أذواقهم وما يرسمه لهم شيوخهم من الطرق المبتدعة، والأ ذ كار والأوراد المبتدعة، وربما يستدلون بالحكايات والمنامات والأحاديث الموضوعة لتصحيح ما هم عليه، بدلا من الاستدلال بالكتاب والسنة، هذا ما ينبغي عليه دين الصوفية. ومن المعلوم أن العبادة لا تكون عبادة صحيحة إلا إذا كانت مبنية على ما جاء في الكتاب والسنة. قال شيخ الاسلام ابن تيمية ويتمسكون (يعني الصوفية) في الدين الذي يتقربون به إلى ربهم بنحو ما تمسك به النصارى من الكلام المتشابه والحكايات التي لا يعرف صدق قائلها، ولو صدق لم يكن معصوما، فيجعلون متبوعهم وشيوخهم شارعين لهم دينا، كما جعل النصارى قسيسيهم ورهبانهم شارعين لهم دينا ... انتهى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير