ومن الأخوة الإسلامية قضاء حاجات الناس ((عن أبن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته ـ ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)) رواه مسلم،، (جـ 16، ص 135).
اتسقت توجيهات الأحاديث النبوية الشريفة مع ما جاء بالآيات الكريمة من حيث التأكد على مفهوم الأخوة الإسلامية، وقد وضعت هذه الأحاديث النبوية الشريفة المحذورات أمام الإنسان المسلم لكي تتحقق له الأخوة الإسلامية مع أقرانه من المسلمين، وفي مقدمة هذه المحذورات البغض والحسد والتجسس وتحقير الآخرين وخذلانهم.
كما أوردت المستحبات التي على المسلم أتباعها لتوكيد أخوته منها الكلمة الطيبة والتراحم والتعاطف والعفو وتقوى الله سبحانه وتعالى، وهي صفات لو تحلى بها المسلم في عمله لتحقق من ورائها أرقى مستويات التعامل الإنساني الذي تطمع إلى تحقيقه نظريات الإدارة على اختلاف أنواعها.
تطبيق مفهوم الأخوة الإسلامية في صدر الإسلام:
أن في استشعار الأخوة أقوى الروابط والتنظيمات الهادفة إلى إصلاح ما بين الناس وتصفية الأحقاد والأحساد. ومن سياسة رسول الله صلى الله عليه وسلم الإدارية في بداية تأسيس الدولة الإسلامية أن آخى بين المهاجرين والأنصار فقد ذكر الدميري (1408 هـ): ((أنه قال لهم: ((إني أوآخي بينكم كما آخى الله تعالى بين ملائكته)). وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأوس والخزرج فصفى ما بينهم من خلافات وأنساهم الثأر والحروب وصهرهم في بوتقة واحدة، وكان المقصود من المؤاخاة أن يوقر كل منهم أخاه ويعاونه ويواسيه ويكون عوناً له على الأعداء ويحبه كما يحب نفسه))، ص 71.
وفي تعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خادمه أفضل الصور لاستشعار الأخوة الإسلامية بمعناها الحقيقي.
عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً، فأرسلني يوماً لحاجة فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، قال: فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: ((أنيس أذهبت حيث أمرتك))؟ قال: قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله، قال أنس: والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته: ((لم فعلت كذا وكذا)) أو لشيء تركنه: ((هلا فعلت كذا وكذا))، رواه مسلم، (جـ 15، ص 71).
ومن الإيثار ولمواساة ما ذكر في رياض الصالحين في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أني مجهود فأرسل إلى بعض نسائه، فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من يضيف هذه الليلة؟)) فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله صلى عليه وسلم فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية قال لامرأته: هل عندك شيء؟ فقالت: لا، إلا قوت صبياني قال: علليهم بشيء وإذا أرادوا العشاء، فنوميهم، وإذا دخل ضيفنا، فأطفئي السراج، وأريه أنا نأكل فقعدوا وأكل الضيف وباتا طاويين، فلما أصبح غداً على النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: لقد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة))، ص 196.
ونزل في ذلك آية قال تعالى: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)، والصور كثيرة من صور رسول الله صلى الله عليه وسلم على استشعار الأخوة الإسلامية مع جميع أصحابه، وقد تدرب عليها أصحابه وطبقوها، ومن أمثلة ذلك التواضع وما ذكره أبو بكر الجزائري (د. ت): ((روي أن عمر بن عبد العزيز أتاه ليلة ضيف وكان يكتب فكاد السراج يطفأ فقال الضيف: أقوم إلى المصباح فأصلحه؟ فقال: ليس من كرم الرجل أن يستخدم ضيفه ز فقال الضيف إذا انبه الغلام؟ فقال عمر: إنها أول نومه نامها فلا تنبه. وذهب إلى البطة وملأ المصباح زيتناً ولما قال له الضيف: قمت أنت بنفسك يا أمير المؤمنين؟ أجابه قائلاً ذهبت أنا وعمر، ورجعت أنا وعمر، ما نقص مني شيء، وخير الناس من كان عند الله متواضعاً)) ص 234، ص 235.
والله من وراء القصد
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[01 - 10 - 2002, 01:45 ص]ـ
موضوع طويل متعب في القراءة: p لكنه ممتع:)
جزاك الله خيرا أخي ... نور المنتدى بعودتك بعد غيابك القصير
وأسأل الله أن تكثر المناسبات العزيزة
الأخوة في الله أجمل صلة تربط بين البشر في هذه الدنيا
لها صبغة عجيبة وحلاوة لذيذة ونهايتها بإذن الله سعيدة كما أن العيش في ظلالها في الدنيا نعمة كبرى
أكثر ما يؤلمني تشكيك بعضهم في وجود الأخوة الصادقة في زماننا هذا
وأنا أعتقد جازمة أنها موجودة وبكثرة
وأظن أن لقاءنا هنا هو من هذا الباب، وجزاؤه بإذن الله اللقاء في ظلال عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله
¥