[موت الكتاب]
ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[16 - 01 - 2003, 11:39 ص]ـ
مثلما بشر جاك دريدا بموت المؤلف ومن ثم موت القارئ، ها أنذا مساء البارحة أقف "مبشراً" بموت الكتاب من على منبر نادي أبها الأدبي وأعلن موت "ثقافة الورق" وأتمنى أن تحفظوا لي براءة اكتشاف "المصطلح".
هكذا بدأ الدكتور علي الموسى مقالته في جريدة الوطن السعودية، ثم أكمل مقالته كاتباً:
عندما أقول بموت الكتاب أقف مدعوماً بالإحصاءات والحقائق التي دافعت معي عن حجتي على الرغم من مداخلة الأخ الصديق أحمد عسيري ووقوفه الصلب في مقارعة الإثباتات والبراهين.
والكتاب في نهاية الأمر وبشكله الورقي لم يكن بذاته هدفاً بقدر ما كان مصدراً للمعلومة.
لكن المعلومة ذاتها بدأت في العقد الأخير تتخذ قوالب مختلفة ومتباينة في النفاذ والوصول إلى المتلقي في عالم متغير بشكل متسارع.
الإحصاءات والبراهين تثبت تراجعاً مخيفاً في نسبة توزيع الكتاب وفي إقبال الجمهور على الشراء وكل ذلك يتم لا عزوفاً عن القراءة أو تجاهلاً لمصادر المعرفة بقدر ما هو "تقهقر" لمصلحة الزحف الإلكتروني الذي تنشأ عليه اليوم أجيال جديدة لم يعد الورق المصقول أو البارد في أجندتها ولم يعد سلاحها في زمن الثورة المعلوماتية.
لكم أن تتخيلوا أن في الغرب اليوم أكثر من خمسة ملايين موقع عنكبوتي لقراءة الكتب الإلكترونية ولكم أن تتخيلوا أن حجم الدخول على موقع "الأمازون" وحده، وفي يوم واحد يفوق عدد الذين يدخلون دور النشر والمكتبات التقليدية في ثلاثة أسابيع كما أشارت صحيفة بوسطن جلوب في عدد ما قبل الأمس تحديداً.
تضيف الصحيفة أيضاً أن مبيعات الكتب الأكثر رواجاً لعام 2002م تراجعت بنسبة 12% من مثيلاتها في العام الذي قبله وأن العام نفسه يسجل السنة السابعة على التوالي في انخفاض المبيعات الورقية، وفي الولايات المتحدة تحديداً، بدأ كثير من الجامعات بالفعل في إقرار مناهجها الإلكترونية بل إن جامعة مثل نيوجرسي تعتزم بنهاية العام أن تكون الجامعة الإلكترونية الأولى في الكون بإلغائها أي نظام ورقي على الإطلاق حتى في مجالات اختبارات الطلاب والمناهج المقررة، وسيكون شعارها المقبل "جامعة بلا أوراق".
حينما يموت الكتاب بشكله "الكلاسيكي" في تلك المجتمعات فالأولى أننا دفناه هنا بالفعل. مجتمعاتنا في الأصل لا تعتمد على المعلومة الموثقة في ظل ثقافة "الشريط" والإشاعة بما لها من كوارث بالفعل على المستقبل المعرفي.
مجتمعاتنا في الأصل لا تقرأ ولكم أن تتخيلوا أن مجمل حركة الكتاب في العالم العربي لم تتعد الأربعين مليون نسخة في عام 2000م، على حين بيع من كتاب "هاري بونز" لقصص الأطفال ما يقرب الخمسين مليون نسخة في عام واحد. ا. هـ.
وأخيراً ما رأيكم إخواني أعضاء منتدى الفصيح في مضمون هذا المقال، ألا يحتاج إلى نقاش وحوار.