" تعرَّف إلى فكرك"
ـ[هيفاء العرب]ــــــــ[23 - 10 - 2002, 09:40 ص]ـ
" تعرَّف إلى فكرك"
أضواء على الفكر الإنساني
الفكر حقيقة وميزة إنسانية متعارف عليها ولكنها لا محسوسة تماماً كالوعي الإنساني. ففي المبدأ العام كل "لا محسوس" يصعب تعريفه، أو معالجته لجهة تحديد القوانين أو المقاييس التي يتفاعل أو "يكون" بموجبها. وهنا قد يختلف الباحثون أو المفكرون والنقاد تماماً كالإختلاف علة تقويم جمالية قطعة فنية أو مشهد طبيعي، إلخ ... لكن الإختلاف في التقويم هو أمر جوهري شرط أن يكون موضوعي وهادف وبنَّاء، كي لا يتحول إلى خالف يضيع معه موضوع البحث. فالتوافق الكلي – إن وُجِد- قد يخلق حدوداً يتوقف عندها التجدد والإبتكار والإبداع. ولعل الإنسان المعاصر هو في أمس الحاجة إلى الشعور الإبداعي أو أقلها إلى الطموح إليه، فذلك قد يخرجه على الأقل من دائرة الإستهلاك التي طاولت إنسانيته.
الإنسان هو إبداع وجودي، توِّج مع عملية الخلق المقدسة، فكان بذرة إلهية مدارها أو بعدها الذي تتفاعل فيه هو الأرض. هذا الإنسان وليد الإبداع، يكتفي اليوم بهذه التسمية وينشرح لها ناسياً ومتناسياً جذوره، محولاً كيانه إلى آلة عصرية جميلة الشكل فارغة الجوهر.
كتاب " تعرَّف إلى فكرك" هو الكتاب الواحد والثلاثون من سلسلة علوم الإيزوتيريك- تأليف الدكتور جوزيف مجدلاني (ج ب م). هذه العلوم تنطلق في بحثها وطروحاتها من منطلق أن الإنسان هو المحور، وهي من هذا المنطلق لا تعالج أي موضوع لا يفيد الإنسان.
أولاً لابد من تعريف القارئ إلى أصل ومعنى كلمة "إيزوتيريك" قبل التوغل في موضوع الفكر كما تطرحه هذه العلوم.
كلمة "إيزوتيريك" هي كلمة يونانية الأصل والمنشأ، تعني داخلي "جوَّاني" وأيضاً الخفي والخاص. إستخدمها أرسطو وفيثاغوراس للإشارة إلى ما هو خفي. بعد ذلك شاع إستعمالها في أوروبا بمعنى ما هو خفي غير منظور لتشمل النزعات الروحية في العصور الحديثة. وتجدر الإشارة إلى أن موسوعة بريتانيكا تعرِّف هذه العلوم على أنها علوم النخبة، وموسوعة لاروس على أنها التعاليم التي يصعب إدراكها على غير مستنيري العقول أما العرب فقد فسروها بأنها العلوم المضنون بها على غير أهلها. مع الوقت صار "الإيزوتيريك" يُعرف بالطريق إلى باطن الإنسان لإكتشاف مكنوناته الخفية وكشف طاقاته الهاجعة وجلاء الغموض عن قدراته الكامنة.
من هنا كانت دراسة الإنسان هي بداية للوقوف على جانب من حقيقة الوجود، من خلال الفكر الإنساني، وخصوصاً الفكر التطبيقي، الذي خلافاً للإعتقاد السائد لا يقتصر على المعادلات الحسابية المحسومة، ولا يتوقف عند حدود الإختراع التكنولوجي المادي الطاغي في عصرنا على كل إبداع إنساني آخر. الفكر الإنساني التطبيقي هو الرابط العلمي الدقيق بين عالمين مختلفين، عالم الحقيقة المطلقة المرتبطة بالكون، وعالم الواقع المحسوس المرتبط بوجود الإنسان
على الأرض.
هذا الفكر الإنساني هو ما تحرص علوم الإيزوتيريك على تقديمه لقرائها كقاعدة علمية متكاملة تتجلى فيها صورة الحياة على أنها رحلة " التطور في الوعي والوعي في التطور".
جاء في توطئة كتاب تعرَّف إلى فكرك أن الفكر " قد نُعِت على مر العصور بالجفاف والصلابة والقوة إلى حد القسوة أحياناً ... إلا أن الإيزوتيريك يؤكد أن في مقدور الفكرتحريك الكيان بسلاسة وشفافية أرق من رهافة المشاعر! وما النعوت المذكورة إلا عندما يغرق الفكر في إنعكاف ذاتي مبتعداً عن شمولية الكائن الإنساني وعن واقع الحياة، مما يضعه في حالة تشبه الإنفصال الكامل عن الكيان عامة؛ وهذا نقصان فاضح مرده إلى جهل الإنسان لوظيفة الفكر وطبيعة عمله". فما هي إذاً طبيعة عمل الفكر؟
من البديهي أنه لمعرفة طبيعة عمل الفكر يتوجب اولاً التوغل في تكوين الفكر وأقسامه. يفسِّر الإيزوتيريك أن الكيان الإنساني أكثر من مجرد جسد مؤلف من لحم ودم! الكيان الإنساني مؤلف من سبعة أجسام أو أجهزة وعي ... ستة منها باطنية لا ترى بالعين المجردة لأنها ذبذبية التكوين وبالتالي لامنظورة، وسابعها الجسد المادي الكثيف الذي يحتويها ويحفظها متماسكة وهو الجانب المنظور والملموس من الكيان. فالأجسام الباطنية هي الحقيقة والجسد هو المادة التي تعكس هذه الحقيقة. وما نراه في الجسد هو النتيجة للأسباب اللامنظورة والكامنة في الأجسام الباطنية الأخرى. فالمرض، على سبيل المثال، هو نتيجة وأسبابه الخفية تكمن في النفس أي الأجسام الباطنية الثلاثة الاولى أو الدنيا، حيث الأجسام الأخرى تؤلف الذات الإنسانية.
أما عن الأجسام الباطنية فهي تتألف من: الجسم الأول وهو الجسد المادي، الجسم الثاني أو الجسم الأثيري أو الهالة الأثيرية وهي تحيط بالجسد وتزوده بالصحة والحياة (وقد تمكن العالم الروسي كيريليان من تصوير الهالة الأثيرية في الستينات)، الجسم الثالث أو الجسم الكوكبي وهو يمثل العواطف والأحاسيس البشرية، الجسم الرابع أو الجسم العقلي الذي ينقسم إلى قسمين. القسم الأدنى منه يشتمل على كل ما يتعلق بالأفكار الأرضية والبشرية ويحوي أيضاً سائر الطاقات العقلية كالتحليل والتمييز والإستنتاج؛ والقسم الأعلى منه يحوي الفطنة والذكاء، الإبتكار والإبداع والأفكار الروحية والمعرفة السامية ... الجسم الخامس أو جسم المحبة وهو يمثل الشعور الإلهي أو الضمير، أو المعرفة الكلية في الإنسان. الجسم السادس أو جسم الإرادة الحكيمة في الإنسان، وأخيراً الجسم السابع متمثلاً بالروح أو البذرة الإلهية في الإنسان. والاجسام الثلاثة الأولى مع القسم الأدنى من الجسم العقلي تؤلف النفس البشرية في حين أن القسم الأعلى من الجسم العقلي والأجسام الأخرى تؤلف جميعها الذات الإنسانية.
إذاً الفكر ينتمي إلى البعد الرابع أو الطبقة العقلية (علاقة الفكر بالعقل).
بقلم المهندسة هيفاء العرب
http://www.esoteric-lebanon.org
http://www.esoteric-lebanon.org/93415.gif
أدعوكم إلى اللقاءات الأسبوعية في بيروت، الأردن أو الإمارات ...