تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سكت قليلا ثم قال: من مناقشاتي مع بعض المثقفين، ومن قراءتي لكتب دلَّني عليها بعض أساتذتي وأصدقائي، لقد نشأت في ذهني أسئلةٌ كثيرة من خلال تلك المناقشات والقراءات عن الكون والعلم والدين والعقل، إن الغرب يتطوَّر بشكل مذهل مع أنه لا دين له، ولا يعترف بالإسلام، أما عالمنا الإسلامي فهو يعيش حالة التخلُّف والذلِّ ما فائدة الإسلام إذن؟!

قلت له: يا عبد الله .. هل يُطبَّق الإسلام في عالمنا الإسلامي تطبيقاً صحيحاً، هل يتصل عالمنا الإسلامي بالله اتصالاً حقيقياُ؟

توقف قليلاً ثم قال: كلا.

قلت: فما ذنب الإسلام إذنْ، ولماذا نستقرئ القضية هذا الاستقراء الناقص، ولماذا لا نفتح آفاق التفكير الصحيح في هذا الموضوع؟ أنت يا عبد الله تعاني من مشكلةِ إلغاء عقلك، والتفكير بعقول الآخرين.

بدا على وجهه أثرٌ لاضطراب كبير وصراع نفسي خطير ..

قلت له: هل يمكن أن أعرف أسماء بعض من تقرأ لهم؟

يا للهول، لقد ذكر لي عدداً من الأسماء، كل اسمٍ منها كفيل بتدمير أمةٍ بكاملها، إنها أسماءٌ لامعة لقراصنة الفكر والأدب في عالمنا الإسلامي، سعيد عقل، جابر عصفور، محمد أركون، أدونيس، غالي شكري، إن عقل "عبد الله" لقاصرٌ حقاً عن مواجهة الأوهام والشبه والشكوك التي تثيرها أقلام هؤلاء.

وسألته سؤالاً حاداً صارخاً: من الذي دلّك على هذه الأسماء يا عبد الله؟! وبعد صمت ليس بالقصير قال لي: ليس مهماً أن أذكر أسماء من دلَّني، المهم أنني مستعد للمناقشة.

قلت له: قبل المناقشة لابد من التوازن ..

قال: ماذا تعني بالتوازن؟

قلت: أن تقرأ بعض الكتب التي تمثِّل الاتجاه الآخر، والتي تشرح جوانب هذه القضية، وتبيِّن بعمليَّةٍ واستقصاء خطأ الأفكار التي يطرحها "العلمانيون" والمتسكّعون في دروب الفكر المنحرف.

وافترقنا على أن نلتقي في اليوم التالي لأعطيه بعض الكتب.

لقد كانت تلك الليلة مثقلةً بالهموم والتفكير، والتساؤلات.

يا ترى إلى متى تظلُّ هذه الأقلام الحاقدة الملحدة تكتب عن الإسلام؟ مَنْ الذي يحمي شباب الإسلام نساءً ورجالاً من ضلالات المضلِّين؟ .. إنَّ بذر بذرة الشك في نفوس شباب الإسلام من أخطر وسائل تدمير الأمة، ثم أين الأسرة المسلمة التي تتابع أبناءها بأسلوب تربوي ناجح، أين أبو عبد الله هذا وأقاربه، أين رجال الصحوة عن أمثاله؟!

بل أين إحساس بعض الأساتذة الذين يشحنون عقول الطلاب بمثل هذه التُرَّهات؟

أين إحساس القائمين على بعض الصحف والمجلات، الذين يروِّجون لأفكار أولئك المنحرفين ونصوصهم البعيدة عن جادَّة الإسلام؟

يا لها من أسئلة مؤلمة، ويا له من جرح ٍعميق!!

ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[03 - 10 - 2002, 10:49 م]ـ

وفي اليوم التالي جاءني عبد الله قبل الموعد المحدَّد وحمدت الله كثيراً إنَّ هذا دليل على انشراح صدره، واستعداده لسماع الرأي الآخر.

قال لي: إني أعتذر إليك حقاً .. لقد استعرضت البارحة ما جرى لي معك في أوَّل لقائنا فشعرت أنني أسأت إليك.

قلت له: لا تضخِّم الأمر إني سعيد بمعرفتك.

وأعطيته بعض الكتب منها: «الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية» لأبي الحسن الندوي، و «العرب والإسلام» لأبي الحسن الندوي أيضاً، و «تهافت العلمانية» للدكتور عماد الدين خليل، و «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين» لأبي حسن الندوي، و «ورقة في الرد على العلمانية» للدكتور محمد يحيى، و «الله سبحانه إنكار الكافرين دليل وجوده» للشيخ محمد متولي الشعراوي، و «الإسلام والحضارة الغربية» للدكتور محمد محمد حسين ...

قلت له: هذه مكتبة صغيرة أهديها إليك، لا أطالبك بقراءتها كلِّها، لكني أقترح عليك بعضها، وأعطيك مهلة شهرين نلتقي بعدها للمناقشة.

قال لي متحمّساً: بل يكفيني شهر واحد، أنا مدمن قراءة، أقرأ في اليوم ما لا يقل عن عشر ساعات.

وقبل أن ينصرف قلت له: هل لي أن أقترح عليك اقتراحاً آخر.

قال: نعم، أنا مستعد للتنفيذ.

قلت له مبتسماً: هكذا مستعد للتنفيذ مباشرةً حتى لو كان الاقتراح لا يعجبك!

ابتسم وقال: نعم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير