وهناك صفات اشترك فيها الصحابة مع غيرهم، كالصدق في القول، والتثبت في نقل الأخبار، والحرص على نشر العلم، والخروج في سبيل الله. وهي تدخل في الخيرية.
موقع تفسير الصحابة:
تفسير الصحابة مقدم على تفسير غيرهم لما تقدم من الأمور الخمسة ويكفي أحدها. ولاشك أننا إذا لم نجد تفسيراً في الكتاب والسنة نتجه لتفسير الصحابة.
- ولابد من إخراج ما كان خارج دائرة الاجتهاد، فنخرج:
1 - ماكان في حكم المرفوع.
2 - أسباب النزول.
وهو مما لا مجال للاجتهاد فيه.
ويلحظ أن تفسير الصحابة أصابه ما أصاب غيره من التفسير المرفوع، وذلك من الوضع في الحديث وخلافه.
أسباب قلة اختلاف الصحابة في التفسير:
وقع بين الصحابة بعض الاختلافات في التفسير، وهو قليل جداً، وأسباب قلة الاختلاف بين الصحابة في التفسير ما يلي:
1 - وجود الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم، فقد كانوا يرجعون إليه عند اختلافهم، فيزيل ما لديهم من تساؤل ونحوه.
2 - وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن الخلاف في القرآن.
3 - سعة علم الصحابة في العلم الشرعي، ومعرفتهم باللغة وأساليبها، ومعانيها (7).
4 - تأثير العصر عليهم، قال شيخ الإسلام: "كان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليلاً جداً وهو وإن كان في التابعين أكثر منه في الصحابة، فهو قليل بالنسبة إلى من بعدهم، وكلما كان العصر أشرف كان الاجتماع والإئتلاف، والعلم، والبيان فيه أكثر" (8).
ومع قلة الاختلاف بين الصحابة في تفسير القرآن فإن أغلبه يرجع إلى اختلاف التنوع، لا إلى اختلاف التضاد، وهو أيسر أنواع الاختلاف.
أنواع اختلاف التنوع:
يرجع اختلاف السلف في التفسير إلى أنواع معدودة، منها:
أولاً: أن يعبر كل واحد من المفسرين عن المعنى المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر، مع اتحاد المسمى، ومثال ذلك في التفسير: "الصراط المستقيم" قيل: العبودية. وقيل: الطاعة.
فهذه الأقوال كلها تدل على ذات واحدة، لكن وصفها كل منهم بصفة من صفاتها (9).
الثاني: أن يذكر كل مفسر من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل، وتنبيه المستمع على النوع، لا على سبيل الحد المطابق للمحدود، في عمومه وخصوصه.
ومثال ذلك: ما نقل في قوله: ثم أورثنا الكتاب الذين \صطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات 32 صلى الله عليه وسلمفاطر: 32}.
فمن المفسرين من قال: السابق: الذي يصلي في أول الوقت. والمقتصد: الذي يصلي في أثنائه.
والظالم لنفسه: الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار.
- ومنهم من قال:
السابق والمقتصد والظالم، قد ذكرهم في آخر سورة البقرة فإنه ذكر المحسن بالصدقة، والظالم بأكل الربا، والعادل بالبيع.
- ومنهم من قال: السابق، المحسن بأداء المستحبات مع الواجبات، والظالم آكل الربا، أو مانع الزكاة، والمقتصد: الذي يؤدي الزكاة المفروضة، ولا يأكل الربا، وأمثال هذه الأقاويل (10).
فكل قول من هذه الأقوال، إنما يذكر نوعاً مما يتناوله نص الآية لتعريف المستمع، وتنبيهه على نظائره، ولا يضاد ما ذكره غيره.
الثالث: ما يكون في اللفظ محتملاً للأمرين.
ومثاله: لفظ: "قسورة" فإنه يراد بها: الرامي، ويراد بها: الأسد.
ولفظ: "عسعس" يراد به: إقبال الليل وإدباره.
ولفظ: "القرء" يراد به الحيض والطهر (11).
الرابع: أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة.
ومثاله: أن يفسر أحدهم قوله تعالى: أن تبسل تحبس. ويقول الآخر: ترتهن، ونحو ذلك (12).
قال الزركشي:
يكثر في معنى الآية أقوالهم، واختلافهم، ويحكيه المصنفون للتفسير بعبارات متباينة الألفاظ، ويظن من لافهم عنده أن في ذلك اختلاف، فيحكيه أقوالاً، وليس كذلك، بل يكون كل واحد منهم ذكر معنى ظهر من الآية، وإنما اقتصر عليه لأنه أظهر عند ذلك القائل، أو لكونه أليق بحال السائل، وقد يكون بعضهم يخبر عن الشيء بلازمه، ونظيره والآخر: بمقصوده وثمرته، والكل يؤول إلى معنى واحد غالباً، والمراد الجميع، وليتفطن لذلك، ولا يفهم من اختلاف العبارات اختلاف المرادات (13).
مميزات تفسيرهم:
1 - يلاحظ في تفسيرهم أنه موجز، وأكثره يعتمد على اللغة.
¥