تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 ـ قوله تعالى: (سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) (الأعراف: 116) فهذه الآية تدل على إثبات حقيقته.

2 ـ قوله تعالى: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) (البقرة:102)، حيث تدل على أن السحر له حقيقة وأثر، إذ أمكنهم بواسطته أن يفرقوا بين الرجل وزوجته، وأن يوقعوا العداوة والبغضاء بين الزوجين.

3 ـ قوله تعالى: (وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ) (البقرة:102)، حيث أثبت الضرر للسحر، ولكنه متعلق بمشيئة الله.

4 ـ قوله تعالى: (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) (الفلق:4)، حيث تدل على عظيم أثر السحر، حتى أمرنا أن نتعوذ بالله من شر السحرة الذين ينفثون في العقد.

5 ـ ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق، يقال له: لَبيد بن الأعصم، قالت: حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا، ثم دعا، ثم قال: «يا عائشة أشعر أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه؟ جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي، أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب (32)، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة (33)، قال: وجب (34) طلعة ذكر، قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان» (35). قالت: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه، ثم قال: «يا عائشة والله لكأن ماءها نقاعة (36) الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين»، قالت: فقلت: يا رسول الله أفلا أحرقته؟ قال: «لا، أما أنا فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير على الناس شراً، فأمرت بها فدفنت» (37).

الثاني: ذهبت المعتزلة، وأبو حنيفة إلى أن السحر لا حقيقة له، وإنما هو تمويه وتخييل وإيهام؛ لكون الشيء على غير ما هو به، وأنه ضرب من الخفة والشعوذة، وشبهتهم ما يلي:

1 ـ قوله تعالى: (قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) (طه:66)، حيث تفيد أن هذا السحر كان تخييلاً لا حقيقة.

2 ـ قوله تعالى: (سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) (الأعراف:116)، حيث تدل على أن السحر إنما كان للأعين فحسب.

3 ـ قوله تعالى: (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) (طه:69)، حيث تثبت أن الساحر لا يمكن أن يكون على حق لنفي الفلاح عنه (38).

والصحيح ـ من وجهة نظري، والله أعلم ـ: رأي جمهور أهل السنة للأدلة السابقة، أما ما استدل به المعتزلة فقد ردَّ عليهم القرطبي في تفسيره، إذ يقول: «وهذا لا حجة فيه؛ لأننا لا ننكر أن يكون التخييل وغيره من جملة السحر، ولكن ثبت وراء ذلك أمور جوزها العقل، وورد بها السمع، فمن ذلك: ما جاء في هذه الآية (39) من ذكره وتعليمه، ولو لم يكن له حقيقة لم يمكن تعليمه، ولا أخبر الله تعالى أنهم يعلمونه الناس، فدل على أنه حقيقة. وقوله تعالى في قصة سحرة فرعون (وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) (الأعراف: 116)، وسورة الفلق، مع اتفاق المفسرين على أن سبب نزولها ما كان من سحر لبيد بن الأعصم، وهو مما خرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم…. الحديث"، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حل السحر: «إن الله شفاني»، والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض، فدل على أنه له حقاً وحقيقة، فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على وجوده ووقوعه. وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع، ولا عبرة ـ مع اتفاقهم ـ بحثالة المعتزلة ومخالفتهم أهل الحق. ولقد شاع السحر وذاع في سابق الزمان، وتكلم الناس فيه، ولم يبد من الصحابة ولا من التابعين إنكار لأصله (40).

وقال الشوكاني: «وقد أجمع أهل العلم على أن له تأثيراً في نفسه وحقيقة ثابتة، ولم يخالف في ذلك إلا المعتزلة وأبو حنيفة» (41).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير