تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مسألة الاصطفاء مرتبطة بوراثة الكتاب، ونجد أن حال الناس غير ذلك فالناس حملوا أنفسهم وحملوا من يربّونهم ويعلّمونهم على سرعة القراءة، الحفظ ممدوح، ولا بأس من التكليف به دون سن البلوغ، لكني أتحدث عن شخص جرى عليه القلموصارت تكتب عليه حسناته وسيئاته، فهذا يخاطب بقوله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} فالشخص من أجل أن يفتح له في قلبه الفهم عن الله؛ لا بد أن يظهر منه الإقبال على كتاب الله، ولا توجد مهمة يمكن أن يقوم بها العبد أولى من التأمل في كتاب الله حق التأمل، لأن العبد لو تدبره حق التدبر؛ لملأ قلبه بالإيمان، ولو اطمأن قلبه بالإيمان؛ لأوصله إلى أعلى المطالب وأغلى المواهب، ولأوصله إلى جنات عدن، ولبيّن له ما يفسده ويفسد قلبه ويفسد مَن حوله، ولعلّمه عن ربه ولشوّقه إليه ولرهّبه من العقاب، ومِن ثم سيكون هذا العبد تؤثّر فيهأيّ موعظة، ويَلين قلبه لأيّ كلمة حق، فمَن كان الكتابُ له زادًا يتذكر به؛ كان كلام المذكّرين له، يقع عليه كما تقع قطرات الندى من كثرة لينها، لأن قلبه ليّن قابل، لكن الإشكال: {أم على قلوب أقفالها} كأنها أغلق عليها فلا يدخلها خير أبدًا، نسأل الله أن يسلمنا، لهذا؛ اعلم أنك إذا صُرفتَ عن كتاب الله عنايةً؛ فما هو إلا عقوبة لذنب ارتكبته، لأن فهمك هذا الكلام العظيم والمعاني الشريفة هما إجابة لدعاء: {اهدنا الصراط المستقيم} فإذا لم تكن معتنيًا بالكتاب معناه أنك لم تثبت على الصراط المستقيم. لا تكن كوصف أهل الكتاب {لا يعلمون الكتاب إلا أماني} أي لا يعلمون إلا القراءة.

.................................................. .....................

وفي تفسيرها هذه الأقوال أيضاً:

فيه أربع مسائل:

الأولى: هذه الآية مشكلة، لأنه قال جل وعز: " اصطفينا من عبادنا " ثم قال " فمنهم ظالم لنفسه " وقد تكلم العلماء فيها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. قال النحاس: فمن أصح ما روي في ذلك ما روي عن ابن عباس ((فمنهم ظالم لنفسه)) قال: الكافر، رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس أيضا. وعن ابن عباس أيضا ((فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات)) قال: نجت فرقتان، ويكون التقدير في العربية: فمنهم من عبادنا ظالم لنفسه، أي كافر. يقال الحسن: أي فاسق. ويكون الضمير الذي في ((يدخلونها)) يعود على المقتصد والسابق لا على الظالم. وعن عكرمة و قتتادة و الضحاك و الفراء أن المقتصد المؤمن العاصي، والسابق التقي على الإطلاق. قالوا: وهذه الآية نظير قوله تعالى في سورة الواقعة: " وكنتم أزواجا ثلاثة ". قالوا وبعيد أن يكون ممن يصطفى ظالم. ورواه مجاهد عن ابن عباس. قال مجاهد: ((فمنهم ظالم لنفسه)) أصحاب المشأمة، ((ومنهم مقتصد)) أصحاب الميمنة، ((ومنهم سابق بالخيرات)) السابقون من الناس كلهم. وقيل: الضمير في ((يدخلونها)) يعود على الثلاثة الأصناف، على ألا يكون الظالم هاهنا كافرا ولا فاسقا. وممن روي عنه هذا القول عمر وعثمان وأبو الدرداء، وابن مسعود وعقبة بن عمرو وعائشة، والتقدير على هذا القول: أين يكون الظالم لنفسه الذي عمل الصغائر و (المقتصد) قال محمد بن يزيد: هو الذي يعطي الدنيا حقها والآخرة حقها، فيكون ((جنات عدن يدخلونها)) عائدا على الجميع على هذا الشرح والتبيين، وروي عن أبي سعيد الخدري. وقال كعب الأحبار: استوت مناكبهم - ورب الكعبة - وتفاضلوا بأعمالهم. وقال أبو إسحاق و السبيعي: أما الذي سمعت منذ ستين سنة فكلهم ناج. و" روى أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية وقال: ((كلهم في الجنة)) ". وقرأ عمر بن الخطاب هذه الآية ثم قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له)) ". فعلى هذا القول يقدر مفعول الاصطفاء من قوله: " أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " مضافا حذف كما حذف المضاف في " واسأل القرية " أي اصطفينا دينهم، فبقي اصطفيناهم، فحذف العائد إلى الموصول كما حذف في قوله: " ولا أقول للذين تزدري أعينكم " أي تزدريهم، فالاصطفاء إذا موجه إلى دينهم، كما قال تعالى: " إن الله اصطفى لكم الدين ". قال النحاس: وقول ثالث: يكون الظالم صاحب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير