فأجاب قائلا: لا يرتاب عاقل أن محمدا صلى الله عليه وسلم، سيد ولد آدم فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك، والسيد هو ذو الشرف والطاعة والإمرة، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم من طاعة الله – وتعالى -:) من يطع الرسول فقد أطاع الله ((1) ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا صلى الله عليه وسلم، سيدنا، وخيرنا، وأفضلنا عند الله – سبحانه وتعالى- وأنه المطاع فيما يأمر به، صلوات الله وسلامه عليه، ومن مقتضى اعتقادنا أنه السيد المطاع، عليه الصلاة والسلام، أن لا نتجاوز ما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد أن نقول: (اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) أو نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم أن صفة وردت بالصيغة التي ذكرها السائل وهي (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد) وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الأفضل ألا نصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، بها، وإنما نصلى عليه بالصيغة التي علمنا إياها.
وبهذه المناسبة أود أبنه إلى أن كل إنسان يؤمن بأن محمدا، صلى الله عليه وسلم، سيدنا فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه وأن لا ينقص عنه، فلا يبتدع في دينه الله ما ليس منه، ولا ينقص من دين الله ما هو منه، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي صلى الله عليه وسلم، علينا.
وعلى هذا فإن أولئك المبتدعين لأذكار أو صلوات على النبي صلى الله عليه وسلم، لم يأت بها شرع الله على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تنافي دعوى أن هذا الذي ابتدع يعتقد أن محمدا صلى الله عليه وسلم، سيد، لأن مقتضى هذه العقيدة أن لا يتجاوز ما شرع وأن لا ينقص منه، فليتأمل الإنسان وليتدبر ما يعنيه بقوله حتى يتضح له الأمر ويعرف أنه تابع لا مشرع.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " أنا سيد ولد آدم " والجمع بينه وبين قوله: " السيد الله " أن السيادة المطلقة لا تكون إلا لله وحده فإنه تعالى هو الذي له الأمر كله فهو الآمر وغيره مأمور، وهو الحاكم وغيره محكوم، وأما غيره فسيادته نسبية إضافية تكون في شئ محدود، ومكان محدود، وعلى قوم دون قوم، أو نوع من الخلائق دون نوع.
60 - وسئل فضيلته عن هذه العبارة (السيدة عائشة – رضي الله عنها -)؟.
فأجاب قائلا: لا شك أن عائشة – رضي الله عنها – من سيدات نساء الأمة، ولكن إطلاق (السيدة) على المرأة و (السيدات) على النساء هذه الكلمة متلقاة فيما أظن من أوضع النساء، لأنهم يسودون النساء أي يجعلونهم سيدات مطلقا، والحقيقة أن المرأة مرأة، وأن الرجل رجل، وتسميه المرأة بالسيدة على الإطلاق ليس بصحيح، نعم من كانت منهن سيدة لشرفها في دينها أو جاهها أو غير ذلك من الأمور المقصودة فلنا أن نسميها سيدة، ولكن ليس مقتضى ذلك إننا نسمي كل امرأة سيدة.
كما أن التعبير بالسيدة عائشة، والسيدة خديجة، والسيدة فاطمة وما أشبه ذلك لم يكن معروفا عند السلف بل كانوا يقولون أم المؤمنين عائشة أم المؤمنين خديجة، فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك.
61 - سئل فضيلة الشيخ: عن الجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: " السيد الله تبارك وتعالى " وقوله، صلى الله عليه وسلم: " أنا سيد ولد آدم " وقوله: " قوموا إلى سيدكم " وقوله في الرقيق: " وليقل سيدي "؟.
فأجاب بقوله: أختلف على ذلك في أقوال:
القول الأول: أن النهي على سبيل الأدب، والإباحة على سبيل الجوز، فالنهي ليس للتحريم حتى يعارض الجواز.
القول الثاني: أن النهي حيث يخشى منه المفسدة وهي التدرج إلى الغلو، والإباحة إذ لم يكن هناك محذور.
القول الثالث: أن النهي بالخطاب أي أن تخاطب الغير بقولك (سيدي أو سيدنا) لأنه ربما يكون في نفسه عجب وغلو إذا دعي بذلك، ولأن فيه شيئا آخر وهو خضوع هذا المتسيد له وإذلال نفسه له، بخلاف إذا جاء على غير هذا الوجه مثل (قوموا إلى سيدكم) و (أنا سيد ولد آدم) لكن هذا يرد على إباحته صلى الله عليه وسلم للرقيق أن يقول لمالكه (سيدي)؟
¥