تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن يجاب عن هذا بأن قول الرقيق لمالكه (سيدي) أمر معلوم لا غضاضة فيه، ولهذا يحرم عليه أن يمتنع مما يجب عليه نحو سيده والذي يظهر لي – والله أعلم – أن هذا جائز لكن بشرط أن يكون الموجه إليه السيادة أهلا لذلك، وأن لا يخشى محذور من إعجاب المخاطب ونخوع المتكلم، أما إذ لم يكن أهلا، كما لو كان فاسقا أو زنديقا فلا يقال له ذلك حتى لو فرض عنه أعلى منه رتبة أو جاهلا فقد جاء في الحديث: " لا تقولوا للمنافق سيد فإنكم إذ قلتم ذلك أغضبتم الله ".

وكذلك لا يقال إذا خشى محذور من إعجاب المخاطب أو نخوع المتكلم.

62 - وسئل فضيلة الشيخ: عن قول: (شاءت الظروف أن يحصل كذا وكذا)،و (شاءت الأقدار كذا وكذا)؟.

فأجاب قائلا: قول: (شاءت الأقدار)، و (شاءت الظروف) ألفاظ منكرة؛ لأن الظروف جمع ظرف هو الأزمان، والزمن لا مشيئة له، وإنما يشاء هو الله، عز وجل، نعم لو قال الإنسان: (اقتضى قدر الله كذا وكذا). فلا بأس به. أما المشيئة فلا يجوز أن تضاف للأقدار لأن المشيئة هي الإرادة، ولا إرادة للوصف، إنما للإرادة للموصوف.

63 - سئل فضيلته:عن حكم قول (وشاءت الأقدار) و (شاء القدر)؟.

فأجاب بقوله: لا يصح أن نقول (شاءت قدرة الله) لأن المشيئة إرادة، والقدرة معنى، والمعنى لا إرادة له، وإنما الإرادة للمريد، والمشيئة لمن يشاء، ولكننا نقول اقتضت حكمة الله كذا وكذا، أو نقول عن شئ إذا وقع هذه قدرة الله أي مقدوره كما تقول: هذا خلق الله أي مخلوقه. أما أن نضيف أمرا يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز ومثال لذلك قولهم (شاءت القدر كذا وكذا) هذا لا يجوز لأن القدر والقدرة أمران معنويات ولا مشيئة لهما، إنما المشيئة لمن هو قادر ولمن مقدر. والله أعلم.

64 - سئل فضيلته: هل يجوز إطلاق (شهيد) على شخص بعينه ويقال الشهيد فلان؟.

فأجاب بقوله: لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد حتى، لو قتل مظلوماً أو قتل وهو يدافع عن الحق، فإنه لا يجوز أن نقول فلان شهيد وهذا مخالف لما عليه الناس اليوم حيث رخصوا هذه الشهادة وجعلوا كل من قتل حتى ولو كان مقتولا في عصبة جاهلية يسمونها شهيدا، وهذا حرام لأن قولك عن شخص قتل وهو شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة، سوف يقال لك هل عندك علم أنه قتل شهيدا؟ ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يعثب دما، اللون لون الدم، والريح ريح المسك " فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: " والله أعلم بمن يكلم في سبيله " – يكلم: يعني يجرح – فإن بعض الناس قد يكون ظاهرهم أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ولكن الله يعلم ما في قلبه وأنه خلاف ما يظهر من فعله، وهذا باب البخاري – رحمه الله – على هذه المسألة في صحيحه فقال (باب لا يقال فلان شهيد) لأن مدار الشهادة على القلب، لا يعلم ما في القلب إلا الله – عز وجل – فأمر النية أمر عظيم، وكم من رجلين يقومان بأمر واحد يكون بينهما كما بين السماء والأرض وذلك من أجل النية فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ".

65 - سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول فلان شهيد؟.

فأجاب بقوله: الوجوب على ذلك أن الشهادة لأحد بأنه شهيد تكون وجهين:

أحدهما: أن تقيد بوصف مثل أن يقال كل من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن مات بالطاعون فهو شهيد ونحو ذلك، فهذا جائز كما جاءت به النصوص، لأنك تشهد بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونعنى بقولنا – جائز – أنه غير ممنوع وإن كانت الشهادة بذلك واجبة تصديقا لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير