تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و قد ذكر ابن مفلح في الفروع و النكت عن الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – أنه قال: إن شاء أرسل يديه – يعني بعد الرفع من الركوع – و إن شاء وضع يمينه على شماله. قال في النكت: و قطع به القاضي في الجامع لأنه حالة قيام في الصلاة فأشبه ما قبل الركوع. قال: و ذكر في المذهب و التلخيص أنه يرسلهما بعد رفعه و ذكر في الرعاية أن الخلاف هنا كحالة وضعهما بعد تكبيرة الإحرام. انتهى.

و من المعلوم عند العلماء كافة ما كان عليه الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – من مزيد التمسك بالآثار و البعد عن البدع و الضلالات، و قد قال في هذه الرواية بالتخيير بين إرسال اليدين في القيام بعد الركوع و بين وضع اليمين على الشمال. و القول بالوضع هو الصواب لعموم حديث وائل الذي ذكرنا، و الله أعلم.

التنبيه السادس

قال المؤلف في صفحة 100 ما نصه (و كان أحياناً يرفع يديه إذا سجد) ا. هـ و قال أيضاً في صفحة 162 ما نصه (و كان يرفع يديه مع هذا التكبير أحياناً) ا. هـ يعني به التكبير عند الرفع من السجود. و قال مثل ذلك في صفحة 115، و قال أيضاً في صفحة 133 ما نصه (و كان يرفع يديه مع هذا التكبير أحياناً) ا. هـ يعني به التكبير عند القيام من السجود إلى الركعة الرابعة.

و جميع ما ذكره في هذه المواضع مردود بالحديث المتفق على صحته عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه و سلم كان لا يرفع يديه في السجود). رواه مالك، و الشيخان، و أهل السنن. و في رواية للبخاري و النسائي (و لا يفعل ذلك حين يسجد، و لا حين يرفع رأسه من السجود). و في رواية للشافعي، و أحمد، و مسلم (و لا يرفعهما بين السجدتين) و رواه أهل السنن بهذا اللفظ، و قال الترمذي: حديث حسن صحيح. و في رواية لمسلم (و لا يفعله حين يرفع رأسه من السجود).

و روى الإمام أحمد أيضاً في مسنده، و البخاري في جزء رفع اليدين، و أبو داود، و الترمذي، و الدارقطني، و في سننهم عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم (أنه كان لا يرفع يديه في شيء من صلاته و هو قاعد). قال الترمذي: حديث حسن صحيح. و صححه أيضاً: أحمد، و البخاري، و ابن خزيمة، و ابن حبان.

و روى الدارقطني أيضاً، و البيهقي من طريق حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن حطان بن عبد الله، عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: هل أريكم صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم، فكبر و رفع يديه، ثم كبر و رفع يديه للركوع، ثم قال سمع الله لمن حمده، ثم رفع يديه، ثم قال هكذا فاصنعوا. و لا يرفع بين السجدتين.

و قد وردت أحاديث كثيرة صحيحة أنه صلى الله عليه و سلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، و إذا أراد أن يركع، و إذا أراد رفع رأسه من الركوع. و في بعضها أنه كان يفعل ذلك إذا قام من التشهد الأول. و كلها توافق حديث ابن عمر، و علي، و أبي موسى – رضي الله عنهم – و ترد الروايات الشاذة أنه كان يرفع يديه في السجود و الرفع منه.

قال العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى – في الهدي: روي عنه – يعني عن النبي صلى الله عليه و سلم – أنه كان يرفعهما – أي يرفع يديه إذا خر للسجود – و صححه بعض الحفاظ كأبي محمد بن حزم و هو وهم فلا يصح ذلك عنه البتة. و الذي غره أن الراوي غلط من قوله و كان يكبر في كل خفض و رفع إلى قوله: كان يرفع يديه عند كل خفض و رفع. و هو ثقة و لم يفطن لسبب غلط الراوي و وهمه فصححه.

و قال صاحب القاموس في كتابه سفر السعادة: الذي ورد في بعض الأحاديث أنه كان يرفع يديه في كل خفض و رفع سهو، و الرواية الصحيحة أنه كان يكبر في كل خفض و رفع. انتهى.

و قد جاء في رفع اليدين في السجود و في كل خفض و رفع أحاديث ضعيفة جداً، منها ما رواه الإمام أحمد، و ابن ماجه من حديث إسماعيل بن عياش، عن صالح بن كيسان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يرفع يديه حذو منكبيه حين يكبر و يفتتح الصلاة، و حين يركع، و حين يسجد). و إسماعيل بن عياش فيه مقال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير