وقد كان الطريق ـ في الغالب ـ إلى فقه الإمام ـ رحمه الله ـ نقلة المسائل ورواتها عنه، وهم كثير ([62])، وقد تلقى هذه المسائل عن تلاميذ الإمام تلاميذهم مما هيأ نشأة هذا المصطلح وبروزه، وبخاصة أن الرواية في ذلك العصر هي السائدة تلقياً وتصنيفاً، فتلقى الخلال هذه المسائل من رواتها، وسافر في تحصيلها، حتى جمع قدراً كبيراً من مسائل الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ، فصنفها، وبوَّبها على أبواب العلم، ومن ثم نراه يستخدم هذا المصطلح للدلالة على كثرة الرواة عن الإمام أحمد في المسألة المنقولة عنه، في كتابه (الجامع) ([63])، ومن هنا بدء هذا المصطلح نشأته في الفقه الحنبلي، وقد تتابع الأصحاب في مصنفاتهم على استخدام هذا المصطلح، والتعبير به بعد الخلال، فقد ورد ذكره في الكتب الآتية على سبيل المثال:
1 ــ كتاب الروايتين والوجهين ([64])، وهو فيه كثير ([65]).
2 ــ التعليق الكبير في المسائل الخلافية ([66]).
3 ــ الأحكام السلطانية ([67]).
4 ــ الجامع الصغير ([68]).
5 ــ الانتصار في المسائل الكبار ([69]).
6 ــ المغني ([70]).
7 ــ العدة في شرح العمدة ([71]).
8 ــ الشرح الكبير ([72]).
9 ــ شرح العمدة ([73]).
10 ــ أحكام أهل الذمة ([74]).
11 ــ زاد المعاد في هدي خير العباد ([75]).
12 ــ الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ([76]).
13 ــ الفروع ([77]).
14 ــ الآداب الشرعية والمنح المرعية ([78]).
15 ــ النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر ([79]).
16 ــ شرح الزركشي على مختصر الخرقي ([80]).
17 ــ الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ([81]) ([82]).
18ــ القواعد والفوائد الأصولية وما يتعلق بها من الأحكام الفرعية ([83]).
19 ــ غاية المطلب في معرفة المذهب ([84]).
20ــ المبدع في شرح المقنع ([85]).
21 ــ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ([86]).
22 ــ تصحيح الفروع ([87]).
23 ــ معونة أولي النهى شرح المنتهى ([88]).
24 ــ كشاف القناع عن متن الإقناع ([89]).
25 ــ شرح منتهى الإرادات ([90]).
الفصل الثالث: بيان من وضعه، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: من وضعه؟
يظهر جلياً أن الخلال، أحمد بن محمد بن هارون، مدون فقه الإمام أحمد وجامعه، هو أول من استخدم هذا المصطلح في كتابه: «الجامع» في الفقه الأثري الحنبلي، فهو الواضع له ولم يكن أحد قبله قد استخدمه في التعبير به في الفقه الحنبلي، والأدلة على هذا ما يأتي:
1 ـ أن الخلال هو جامع علوم الإمام أحمد، وحافظ مذهب الإمام الأثري، «سمع مسائل الإمام أحمد، ورحل إلى أقاصي البلاد في جمع مسائل الإمام أحمد، وسماعها ممن سمعها من أحمد، وممن سمعها ممن سمعها من أحمد، فنال منها وسبق إلى مالم يسبقه سابق، ولم يلحقه بعده لاحق ... » ([91]).
قال الخلال في كتاب (أخلاق أحمد بن حنبل) ([92]): «لم يكن أحد علمت عُنِيَ بمسائل أبي عبد الله ما عنيت به أنا، وكذلك كان أبو بكر المَرُّوذِي ـ رحمه الله ـ يقول لي …».
وقال الذهبي ([93]): «ولم يكن قبله [يعني الخلال] للإمام مذهب مستقل حتى تتبع هو نصوص أحمد ودوَّنها وبرهنها بعد الثلاث مائة، فرحمه الله تعالى» ([94]).
إذا تقرر هذا، فإن هذا المصطلح وضع للدلالة على أكثرية رواة من نقل المسألة عن الإمام أحمد، ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا لمن اطلع على رواية من رواها وذلك ما تحقق للخلال دون غيره ([95])، فهو من نتاج جمعه وسبره لتلك المسائل.
2 ـ أن الخلال استخدم هذا المصطلح في كتابه «الجامع»، وهو كتاب كبير وضخم، لم يصل إلى أيدي الباحثين منه إلا القليل، وقد عثرت على هذا المصطلح (رواه الجماعة) في كتابه: «أهل الملل والردة والزنادقة وتارك الصلاة والفرائض من كتاب (الجامع) ([96]) في مواضع منه، كقوله: «والذي أختار من قول أبي عبد الله ما روى عنه الجماعة» ([97]).
وقوله: «والذي أذهب إليه مما أختار على ما رواه عنه الجماعة وبالله التوفيق» ([98]).
وقوله: «والعمل على مارواه الجماعة ... » ([99]).
وقوله: «ثم روى عنه هؤلاء الجماعة ... » ([100]). وغيرها ([101]).
¥