3 ـ نص بعض الأصحاب على نسبته إلى الخلال حين نقلوا عنه في مصنفاتهم، ففي كتاب الروايتين ([102]) ما نصه: «قال أبو بكر الخلال: ... والذي أختار ما روى الجماعة ... ». وفي المغني ([103]): « ... ووهَّن الخلال هذه الرواية، وقال: هذا قول قديم، رجع عنه أحمد، والعمل على ما رواه الجماعة ... » ([104]).
وفي هذا دلالة على أن «كل من اتبع هذا المذهب يأخذ من كتبه» ([105]).
المبحث الثاني: ترجمة واضعه ([106])، وفيه مطالب:
المطلب الأول: اسمه وكنيته:
هو أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد البغدادي، أبو بكر، المعروف بالخلال ([107]).
المطلب الثاني: مولده:
ولد سنة أربع وثلاثين ومائتين، وقيل في التي تليها ([108]).
قال الذهبي ([109]): «فيجوز أن يكون رأى الإمام أحمد، ولكنه أخذ الفقه عن خلق كثير من أصحابه»
المطلب الثالث: حياته العلمية ([110]):
بدأ الخلال طلب العلم وهو في مقتبل عمره، واهتم بمسائل الإمام أحمد على وجه الخصوص، وصرف عنايته إليها حتى قيل عنه: «أنفق عمره في جمع مذهب الإمام أحمد وتصنيفه» ([111]).
ولا غرو في هذا، فقد رحل ـ رحمه الله ـ إلى بلاد شتى كفارس، والشام، والجزيرة، يتطلب فقه الإمام أحمد وفتاويه، وتغرّب في سبيل ذلك زماناً حتى نال منها قدراً لم يسبقه إليه سابق، فكان هو المدون لفقه الإمام وجامعه ومرتبه على الأبواب.
تفقه الخلال على شيخه المَرُّوذِي ولازمه حتى مات، وشيوخه الذين أخذ عنهم العلم كثير يشق إحصاء أسمائهم، ثم أصبح الخلال إمام المذهب في عصره، وكانت حلقته بجامع المهدي ([112]) يؤمها العدد الوفير من طلاب العلم، برع منهم طائفة كأبي بكر ([113])، عبد العزيز بن جعفر، المعروف بغلام الخلال.
وللخلال مصنفات جليلة القدر، وبخاصة في المذهب الحنبلي، منها: (الجامع) و (العلل) و (السنة)، وغيرها، وهي تدل على إمامته وسعة علمه.
المطلب الرابع: وفاته:
توفي الخلال يوم الجمعة ليومين خليا من شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وثلاثمائة (311هـ)، وله سبع وسبعون سنة، ودفن إلى جوار قبر شيخه المَرُّوذِي، قرب قبر الإمام أحمد ـ رحم الله الجميع ـ ([114]).
الفصل الرابع: المراد به عند الحنابلة.
يذهب بعض العلماء إلى أن المراد بمصطلح (رواه الجماعة) محدد بسبعة من الرواة عن الإمام أحمد على اختلاف يسير بينهم على النحو الآتي:
أ) أن المراد بهم سبعة، وهم:
1ـ صالح بن أحمد بن حنبل ([115]).
2ـ عبد الله بن أحمد بن حنبل ([116]).
3 ـ حنبل بن إسحاق بن حنبل ([117]).
4ـ أبو بكر أحمد بن محمد المَرُّوذِي.
5 ـ إبراهيم الحربي ([118]).
6ـ أحمد بن حميد المشكاني، أبو طالب ([119]).
7 ـ عبد الملك بن عبد الحميد الميموني ([120]).
جاء في حاشية المنتهى ([121]): « ... وحيث أطلق الجماعة، فالمراد بهم: عبد الله ابن الإمام، وأخوه صالح، وحنبل ابن عم الإمام، وأبو بكر المَرُّوذِي، وإبراهيم الحربي، وأبو طالب، والميموني ... » ([122]).
ب) أن المراد بهم سبعة، وهم ([123]):
1 ـ أبو طالب، أحمد بن حميد المشكاني.
2 ـ إبراهيم الحربي.
3 ـ حرب بن إسماعيل الكرماني ([124]).
4 ـ عبد الملك الميموني.
5 ـ عبد الله ابن الإمام.
6 ـ صالح ابن الإمام.
7 ـ حنبل بن إسحاق بن حنبل (ابن عم الإمام).
ومما تقدم يظهر الاختلاف بين الفريقين في اعتبار بعض الرواة منهم، فلم يُعد المَرُّوذِي من الجماعة عند الفريق الثاني ولم يُعد حرب منهم عند الفريق الأول واتفقا على أن بقية الرواة يدخلون في هذا المصطلح.
وهذا الحصر في العدد والمعدود من الرواة فيه نظر، فلم أعثر عليه عند المتقدمين أو المتوسطين من الأصحاب، بل جاء عندهما بخلاف الحصر الآنف، وإنما وجد عند بعض المتأخرين من الأصحاب، فوجدته منسوباً للعلامة محمد الفارضي (ت 981هـ ([125]))، ولم أقف في نسبته ـ بهذا التحديد ـ إلى أحد قبله ([126])، ونسبه الشيخ سليمان بن حمدان ([127]) إلى الشيخ محمد الخلوتي (ت 1088 هـ ([128])) فقال ([129]): «حيث أطلق الجماعة، فالمراد بهم: عبد الله ابن الإمام أحمد، وأخوه صالح، وحنبل ابن عم الإمام، وأبو بكر المَرُّوذِي، وإبراهيم الحربي، وأبو طالب، والميموني ـ رضي الله عنهم ـ، قاله
¥