تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأولُ ما وضُعَ دمُ ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. كان مسترضعاً في بني سعد بن بكر من هوازان فقتله هذيل. وذكر النسَّابون أنه كان صغيراً يحبو أمام البيوت. وكان اسمُه آدم فأصابه حجرٌ غائر أو سهمٌ غَرْبٌ من يد رجلٍ من بني هذيل فمات.

ثم نرجع إلى وصف عمله عليه السلام: ووضع أيضاً عليه السلام في خطبته بعرفة ربا الجاهلية. وأول رباً وضعه؛ ربا عمِّه العباس رضي الله عنه. وأوصى بالنساء خيراً. وأباحهم ضربَهُنَّ غير مُبَرِّحٍ إن عَصَيْنَ، بما لا يحل. وقضى لهن: بالرزق و الكسوة بالمعروف على أزوجهنَّ. وأمر بالاعتصام بعده بكتاب الله عزّ وجل. وأخبر أنه لن يضلَّ مَنِ اعتصم به. وأشهد الله عزّ وجل على الناس أنه قد بلَّغهم ما يلزمهم فاعترف الناس بذلك. وأمر عليه السلام أن يبلغ ذلك الشاهد الغائب.

وبعثت إليه أمُّ الفضلِ بنتُ الحارث الهلاليةُ (وهي أُمُّ عبد الله بن العباس) لبناً في قدحٍ، فشربه عليه السلام أمام الناس وهو على بعيره، فعلموا أنه e لم يكن صائماً في يومه ذلك. فلمَّا أتمّ الخطبة المذكورة أمر بلالاً فأذَّنَ، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصرَ،ولم يُصلِّ بينهما شيئاً. لكنْ صلاَّهما عليه السلام بالناس مجموعتين، في وقت الظهر، بأذان واحد، لهما معاً. وبإقامتين، لكل صلاة منهما إقامةٌ. ثم ركب عليه السلام راحلته حتى أتى المواقف، فاستقبلَ القبلة. وجعل جبل المشاة بين يديه، فلم يزل واقفاً للدعاء. وهنالك سقط رجلٌ من المسلمين عن راحلته وهو محرمٌ، في جملة الحجيج، فمات،فأمر رسول الله e بأن يُكَفَّنَ في ثوبيه،ولا يُمَسَّ بطيبٍ ولا يُحَنَّطَ، ولا يغطى رأسه ولا وجهُهُ وأخبر عليه السلام: (انه يُبعَثُ يوم القيامة مُلَبِّياً).

وسأله قومٌ من أهل نجد هنالك عن الحج، فأعلمهم عليه السلام بوجوب الوقوف بعرفة ووقَّت الوقوف بها، وأرسل إلى الناس أن يقفوا على مشاعرهم، فلم يزل واقفاً للدعاء حتى إذا غرَبَت الشمسُ من يوم الجمعة المذكورة. وذهبت الصُّفرةُ أردفَ أُسامة بن زيد خلفه،ودفع عليه السلام وقد ضمَّ زمامَ ناقتِه القصواء،حتى إنَّ رأسها ليصيبُ طرفَ رجله. ثم مضى يسيرُ العنَقَ، فإذا وجدَ فجوةً نصَّ (وكلاهما ضَرْبٌ من السيِر، والنصُّ آكدهما. و الفجوةُ: الفسحةُ من الناس) كُلما أتى رَبْوةً من تلك الروابي؛ أرخى للناقة زمامها قليلاً حتى تصعدها،وهو عليه السلام يأمر الناس بالسكينة في السير.

فلما كان في الطريق؛ عند الشعب الأيسر نزل عليه السلام فبال و توضَّأ وضوءاً خفيفاً. وقال لأُسامةَ: (المصلى أمامَك) أو كلاماً هذا معناه. ثم ركبَ حتى أتى المزدلفة،ليلة السبت العاشرة من ذي الحجة. فتوضأ. ثم صلى بها المغرب و العشاء الآخرة؛مجموعتين في وقت العشاء الآخرة،دون خطبة،ولكن بأذان واحد لهما وبإقامتين، لكل صلاةٍ منهما إقامة،ولم يُصَلِّ بينهما شيئاً.

ثم اضطَجَعَ عليه السلام بها حتى طلعَ الفجرُ، فقام عليه السلام وصلى الفجرَ بالناس بمزدلفة،يوم السبت المذكورة،وهو يومُ النحر،وهو يوم الأضحى،وهو يوم العيد،وهو يوم الحجِّ الأكبر، مغلِّساً أول انصداع الفجر.

وهنالك سأله عروةُ بن مُضَرِّس الطائيُّ. وقد ذكر له عمله أنه حجَّ فقال له عليه السلام:

(إنَّ من أدركَ الصلاةَ (يعني صلاةَ الصبح) بمزدلفة في ذلك اليوم مع الناس؛ فقد أدرك الحجَّ،وإلا فلم يُدرك).

واستأذنته سودةُ وأمُّ حبيبةَ في أن تدفعا من مزدلفة ليلاً؛فأذن لهما،ولأُمِّ سلمة في ذلك وللنساء و للضعفاء بعد وقوف جميعهم بمزدلفة، وذكرهم الله تعالى بها، إلا أنه عليه السلام أذن للنساء في الرمي بليلٍ،ولم يأذن للرجالِ في ذلك،لا لضعفائهم ولا لغير ضعفائهم. وكان ذلك اليوم يوم كونه عليه السلام عند أُمِّ سلمة،فلما صلى عليه السلام الصبحَ كما ذكرنا بمزدلفة؛ أتى المَشْعَرَ الحرام بها، فاستقبل القبلة،ودعا الله عزّ وجل بها وكبَّر وهلل ووحَّد،ولم يزل واقفاً بها حتى أسفر جدّاً،وقبل أن تطلُع الشمسُ،فدفعَ عليه السلام حينئذٍ من مزدلفة – وقد أردف الفضل بن العباس – وانطلقَ أُسامة على رجليه في سباق قُريش.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير