تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وعلى كل حال،فإن الذي ثبت في الصحيحين هو كما قال ابن القيم قلت: والحديث الذي في البخاري عن معاوية، قصَّرْتُ عن رأس رسول الله e بمشقصٍ ولم يَزدْ على هذا،والذي عند مسلم: قصَّرتُ عن رأسِ رسول الله e بِمِشْقَصٍ على المروة. وليس في (الصحيحين) غير ذلك.

وأما غير هذه الرواية فمختلف فيها على من دون ابن عباس،واختلف فيها على معاوية هل كان التقصيره في حج أو في عمرة وأيضا اختلف فيه عليه هل هو الذي باشر التقصير أم أنه رأى من يقصر للنبي e .

وقد ذكر الاختلاف الدارقطني في العلل (7/ 51):-

(س 1203 وسئل الشيخ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الحافظ عن حديث بن عباس عن معاوية قال قصرت عن رسول الله e في حجته بمشقص أعرابي فقال يرويه جعفر بن محمد واختلف عنه،فرواه بن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على بن الحسين عن بن عباس عن معاوية وتابعه الثوري من رواية أبي أحمد الزبيري عنه قال ذلك محمد بن علي بن محرز الكوفي عن أبي أحمد،وخالفه المقدي والفضل بن سهل الأعرج فروياه عن أبي أحمد ولم يذكروا فيه علي بن الحسين وحديث بن جريج أشبه بالصواب قيل له فإنه بندرا وأبا بكر بن أبي شيبة وافقا محمد بن أبي بكر المقدمي والفضل بن سهل في تركهما لذكر علي بن الحسين في الإسناد فقال فزد فيه وغيره حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري قال ثنا محمد بن علي بن محرز الكوفي بمصر قال ثنا أبو أحمد الزبيري قال حدثنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن بن عباس أن معاوية قال قصرت عن رسول الله e بمشقص على المروة حدثنا أبو علي محمد بن سليمان المالكي قال ثنا بندار محمد بن بشار قال ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن بن عباس عن معاوية بن أبي سفيان قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قصر بمشقص).

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 263)

باب في التقصير: عن ابن عباس أن معاوية أخبره أنه رأى رسول الله e قصر من شعره بمشقص.

قلت حديث معاوية في الصحيح أنه هو الذي قصر عنه وهذا أشبه بالصواب والله أعلم رواه أحمد وابنه وإسناد ابنه رجاله رجال الصحيح. 8 - ومن أوهامه ما ذكره ابن القيم: قال ابن حزم: وأرسلت إليه أمُّ الفضل بنت الحارث الهلالية وهي أمُّ عبد الله بن عباس، يقدح لبن، فشربه أمام النَّاس وهو على بعيره فلما أتم الخُطبة، أمر بلالاً فأفاض فأقام الصلاة،وهذا من وهمه رحمه الله، فإن قصة شربه اللبن، إنما كانت بعد هذا حين سار إلى عرفة، ووقف بها هكذا جاء في (الصحيحين) مصَّرحاً به عن ميمونة: "أن الناس شكوا في صيام النبي ً e يومَ عرفة، فأرسلت إليه بحِلاب وهو واقف في المواقف، فشرِبَ منه و الناس ينظرون". وفي لفظ: وهو واقف بعرفة.

انظر زاد المعاد 0 (2/ 216) أهـ. 9 - ومن أوهامه ما ذكره الحافظ ابن كثير: (والمقصود: أنه ركب إلى البيت فطاف به سبعة أشواط راكباً، ولم يطف بين الصفاء والمروى، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر وعائشة رضي الله عنهما. ثم شرب من ماء زمزم ومن نبيذ تمر من ماء زمزم.

فهذا كله مما يقوي قول من قال: إنه عليه السلام صلى الظهر بمكة، كما رواه جابر. ويحتمل أنه رجع إلى منى في آخر وقت الظهر فصلى بأصحابه بمنى الظهر أيضاً.

وهذا هو الذي أشكل على ابن حزم فلم يدر ما يقول فيه، وهو معذور لتعارض الروايات الصحيحة فيه. والله أعلم.

وقال أبو داود: حدثنا علي بن بحر وعبد الله بن سعيد المعني، قالا: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: أفاض رسول e من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة.

قال ابن حزم: فهذا جابر وعائشة قد اتفقا على أنه عليه السلام صلى الظهر يوم النحر بمكة. وهما والله أعلم أضبط لذلك من ابن عمر.

كذا قال: وليس بشيء، فإن رواية عائشة هذه ليست ناصة أنه عليه السلام صلى الظهر بمكة، بل محتملة إن كان المحفوظ في الرواية: ((حتى صلى الظهر)). وإن كانت الرواية ((حين صلى الظهر)) وهو الأشبه فإن ذلك دليل على أنه عليه السلام صلى الظهر بمنى قبل أن يذهب إلى البيت، وهو محتمل. والله سبحانه وتعالى أعلم.

وعلى هذا فيبقى مخالفاً لحديث جابر، فإن هذا يقتضي أنه صلى الظهر بمنى قبل أن يركب إلى البيت، وحديث جابر يقتضي أنه ركب إلى البيت قبل أن يصلي الظهر وصلاها بمكة. 10 - ومن أوهامه ما ذكره الحافظ ابن كثير:

قال رحمه الله: فصل: قال أبو داود: باب أي يوم يخطب: حدثنا محمد بن العلاء، أنبأنا ابن المبارك، عن إبراهيم بن نافع، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن رجلين من بني بكر، قالا: رأينا رسول الله e يخطب بين أوسط أيام التشريق ونحن عند راحلته، وهي خطبة رسول الله e التي خطب بمنى، انفرد به أبو داود.

ثم قال أبو داود: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عاصم، حدثنا ربيعة بن عبد الرحمن ابن حصين ن حدثتني جدتي سرَّاء بنت نبهان – وكانت ربة بيت في الجاهلية – قالت: خطبنا رسول الله e يوم الرءوس فقال: أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: أليس أوسط أيام التشريق؟ انفرد به أبو داود.

قال أبو داود:وكذلك قال عم أبي حُرة الرقاشي أنه خطب أوسط أيام التشريق.

ثم قال ابن كثير معقباً على ابن حزم:

قال ابن حزم:جاء أنه خطب يوم الرءوس وهو اليوم الثاني من يوم النحر بلا خلاف عند أهل مكة، وجاء أنه أوسط أيام التشريق، فتحمل على أن أوسط بمعنى أشرف كما قال تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً}. وهذا المسلك الذي أخذه ابن حزم بعيد والله أعلم. انظر حجة الوداع ص 175.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

كتبه:

أبو مصعب علي بن ناصر بن محمد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير