بخلاف المختصرات من الصحيحين؛ فإنهم نقلوا فيها ألفاظهما المذكورة، من غير زيادة ولا تغيير؛ فلك أن تنقل منها وتعزو ذلك للصحيح ولو بلفظ.
وكذا الجمع بين الصحيحين لعبد الحق.
أما الجمع لأبي عبد الله الحميدي الأندلسي؛ ففيه زيادة ألفاظ، وتتمات على الصحيحين؛ بلا تمييز.
قال ابن الصلاح: وذلك موجود فيه كثيراً؛ فربما نقل من لا يميز بعض ما يجده فيه عن الصحيح وهو مخطئ؛ لكونه زيادة ليست فيه.
قال العراقي: وهذا مما أنكر على الحميدي؛ لأنه جمع بين كتابين، فمن أين تأتي الزيادة؟!
قال: واقتضى كلام ابن الصلاح أن الزيادات التي تقع في كتاب الحميدي لها حكم الصحيح، وليس كذلك؛ لأنه ما رواها بسنده كالمستخرج، ولا ذكر أنه يزيد ألفاظا واشترط فيها الصحة؛ حتى يقلد في ذلك.
قلت: هذا الذي نقله عن ابن الصلاح وقع له في الفائدة الرابعة؛ فإنه قال: (ويكفي وجوده في كتاب من اشترط الصحيح، وكذلك ما يوجد في الكتب المخرجة؛ من تتمة لمحذوف أو زيادة شرح، وكثير من هذا موجود في الجمع للحميدي) انتهى.
وهذا الكلام قابل للتأويل فتأمل.
ثم رأيت عن شيخ الإسلام قال: (قد أشار الحميدي إجمالاً وتفصيلاً، إلى ما يبطل ما اعترض به عليه.
أما إجمالا فقال في خطبة الجمع: (وربما زدت زيادات، وللكتب المخرجة عليهما فائدتان؛ علو الإسناد من تتمات، وشرح لبعض الفاظ الحديث، ونحو ذلك؛ وقفت عليها في كتب من اعتنى بالصحيح؛ كالإسماعيلي والبرقاني).
وأما تفصيلا فعلى قسمين؛ جلي وخفي.
أما الجلي: فيسوق الحديث؛ ثم يقول في أثنائه إلى هنا انتهت رواية البخاري، ومن هنا زاده البرقاني.
وأما الخفي: فإنه يسوق الحديث كاملاً؛ أصلاً وزيادة.
ثم يقول: (أما من أوله إلى موضع كذا فرواه فلان وما عداه زاده فلان)، أو يقول: (لفظة كذا زادها فلان) ونحو ذلك.
وإلى هذا أشار ابن الصلاح بقوله: (فربما نقل من لا يميز، وحينئذ فلزيادته حكم الصحة لنقله لها عمن اعتنى بالصحيح مهمة ما تقدم عن البيهقي ونحوه؛ من عزو الحديث إلى الصحيح؛ والمراد أصله.
لاشك أن الأحسن خلافه، والاعتناء بالبيان حذراً من إيقاع من لا يعرف الاصطلاح في اللبس).
ولابن دقيق العيد في ذلك تفصيل حسن؛ وهو أنك إذا كنت في مقام الرواية فلك العزو ولو خالف؛ لأنه عرف أن أجل قصد المحدث السند والعثور على أصل الحديث.
دون ما إذا كنت في مقام الاحتجاج.
فمن روى في المعاجم والمشيخات ونحوها فلا حرج عليه في الإطلاق.
بخلاف من أورد ذلك في الكتب المبوبة؛ لاسيما إن كان الصالح للترجمة قطعة زائدة على ما في الصحيح)) انتهى نقل الفائدة.
** وبها انتهى هذا المبحث، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
ـ[ظافر آل سعد]ــــــــ[13 - 04 - 03, 02:54 ص]ـ
أحسنت.
وقد تصدى لبيان أوهام ((العمدة)) وفيها كثير من جنس ما ذكرت:
الزركشي في كتابه ((النكت على العمدة)).
وكان قد نشر القسم المتعلق بالأوهام قديما في مجلة الجامعة الإسلامية.
ثم نشر حديثا الكتاب كله بتحقيق نظر الفاريابي.
وهو كتاب مهم للغاية لمن يحفظ أو يدرس ((العمدة)).
ـ[أبومعاذ النجدي]ــــــــ[13 - 04 - 03, 03:21 ص]ـ
بارك الله فيكما.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[13 - 04 - 03, 09:37 ص]ـ
أحسنت أخي الفاضل ظافر ...
كيف يمكن الحصول على نسخة من كتاب الزركشي، يعني في أي مكتبة؟
أو على الأقل هل يمكن الحصول على مصورة من مجلة الجامعة الإسلامة وفيها ما ذكرت؟
وأجزل الله لك الأجر.
ـ[ظافر آل سعد]ــــــــ[13 - 04 - 03, 04:00 م]ـ
الأخ أبو عمر ..
الكتاب مطبوع في الرياض منذ أشهر (بتقديم الشيخ عبد الله السعد) , وهو متوفر في أي فرع من فروع مكتبة الرشد - فيما أحسب -.
ـ[سليل الأكابر]ــــــــ[15 - 04 - 03, 01:50 ص]ـ
الأخ الفاضل المسدد أبو عمر السمرقندي أدام الله سعده
بارك الله فيك على هذه الفائدة.
وأما ما يتعلق بكتاب الزركشي محمد بن بهادر (ت:794هـ) المسمى بـ ”النكت على عمدة الأحكام” أو ”تصحيح العمدة” فلا شك انه كتاب مهم في بابه لا يستغني عنه من له اشتغال بمتن العمدة وقد نقل عنه الصنعاني كثيرا في حاشيته على شرح ابن دقيق العيد.
قال الزركشي في مقدمته:
¥