تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويذبحونها على غير اسمه، وكان فيهم من يحرق هذه القرابين بالنار، فجاء الإسلام بذبح القرابين من الهدايا والضحايا لله وحده،وعلى اسمه وحده، وأمر الله بالأكل منها،وإطعام الفقراء والمساكين ـ قال الله تعالى:?والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف، فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون، لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين? ().

إن بعض الناس يريد من المشاعر أن تكون كمصيف أو منتزه منظم،ويريد أن يحصل عليه في الحج أدنى مشقة أو تعب،ولا أن يشم رائحة كريهة في المشاعر، ولا أن ترى عينه شيئاً مما يتنافى مع ترفه وحياته التي يعيشها في بلده. والوصول بالمشاعر إلى هذا الحد متعذر، وذلك لأن أوقات العبادة في هذه المشاعر محدودة،وكل من الحجاج مطلوب منه عبادة هي مطلوبة من الآخر في وقت واحد، فإذا اجتمعوا على أداء هذه العبادة فلا بد وأن يحصل بسبب ذلك زحام وروائح كريهة وغير ذلك رغم ما يبذل من عناية وتنظيم.

فمن الحجاج من يصبر ويحتسب ويتحمل ما يجده من المتاعب والآلام والمضايقات، وقد يتلذذ به ويطمئن له، لكون ذلك إنما ناله في سبيل الوصول إلى طاعة ربه الذي أمره بالحج إلى بيته، لينال رضا الله ومغفرته وجنته، فيهون عليه ما يعترض له في طريقه من أشواك، وما يلقاه من نصب ومشقة.

ومن الحجاج من يتأثر ويتضايق مما يصيبه من الآلام والمتاعب والمشقة،ويظهر عليه الجزع وقلة الصبر، وذلك ناشئ من ضعف الإيمان، فإنه لو قوي إيمانه بالله وبما أعده الله للحجاج الصابرين المحتسبين من الأجر والثواب لهان عليه كل ما يجده في هذا السبيل.

ومن الحجاج من ليس منهم على الحقيقة، ولا إرب له في الحج إلا الانتقاد على تشريع الله وعلى الطرق الحكيمة التي أمر الله أن تؤدى عليها هذه العبادات،ويحاول تغييرها والاجتهاد فيها بحسب ما يملي عليه هواه وشيطانه، ويريد أن يجعل من الدين نفسه وسيلة إلى تنفيذ مقاصده وأهدافه و غاياته واجتهاداته الخاطئة، فيتكلم مثلاً في مشروعية الذبح ويقلل من أهميتها، ويريد أن يبذل الحجاج بدل هذه الذبائح التي شرع الله ذبحها عبادة له وتعظيماً، وأن يطعم منها القانع والمعتر،يريد بمجرد رأيه وهواه أن يدفع الحجاج بدلها نقوداً تبذل للفقراء وفي المشاريع الاصلاحية على حد تعبيره، وهذا شأنه في كثير من التشريع الإسلامي، يحاول تشريعاً جديداً، وعملاً لم يأذن به الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم،وقد سمعنا شيئاً من ذلك عن كثير من الناس.

والدين الإسلامي جاء بالخير والصلاح الدنيوي والأخروي،وهو صالح لكل زمان ومكان، ومتى تمسك الناس به واهتدوا بهديه وحكموه في جميع أمورهم،ولم يجدوا في أنفسهم حرجاً من أحكامه، وسلموا وانقادوا لذلك، فقد آمنوا حقاً، وسلكوا طريق النجاة والفلاح والفوز في الدنيا والآخرة،وإذا أعرضوا عنه واستبدلوا به تشريعات جديدة وقوانين وضعية وضعها أعداء الشريعة وخصوم الإسلام، ودخلت على المسلمين باسم الحضارة والمدنية وجعلوها المرجع لهم عند النزاع والدستور المقدس في جميع شئونهم واعتقدوها أحكم وأكفل لمصالحهم مما شرعه الله ورسوله فليس لهم حينئذ في الإسلام من نصيب و إن سموا أنفسهم مسلمين، والعبرة بالحقائق لا بالأسماء وقد قال الله تعالى:? فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحكمُوك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما? () وقال تعالى:?ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا. أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً? ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير