تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مسلم في صحيحه: حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم جميعاً، عن عيسى بن يونس، قال ابن خشرم: أخبرنا عيسى عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابراً يقول: " رايت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر، ويقول: لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه ".

ورميه صلى الله عليه وسلم في كل يوم من أيام التشريق الثلاثة ثلاث الجمرات بعد الزوال كما في حديث جابر الصحيح،وحديث ابن عباس،وحديث ابن عمر: يبطل هذا القياس من جهة الوقت، ومن جهة عدم اقتصاره صلى الله عليه وسلم فيهن على رمي جمرة العقبة ورميه صلى الله عليه وسلم الجمرات أيام التشريق بعد الزوال يدل على الوجوب، لأنه فعله صلى الله عليه وسلم مشرعاً لمته على وجه الامتثال والتفسير، فكان حكمه حكم الأمر.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " شرح العمدة ": والفعل إذا خرج مخرج الامتثال والتفسير كان حكمه حكم الأمر،وهو داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم " خذوا عني مناسككم" () انتهى.

وما احتج به هذا الرجل من قول النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة:" وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف" على توسيع زمن رمي الجمار أيام التشريق بحيث يجوز ويجزي قبل الزوال فهو باطل، إذ من المعلوم عند كل أ؛ د أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم عدم تعيين الموضع الذي وقف فيه عند الصخرات لوقفة الحج، ولهذا قال:" عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرنة" ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم بمنى:" نحرت هاهنا ومنى كلها منحر" () قال ذاك بعرفة خشية أن يظن أن لا موقف في عرفة إلا الموضع الذي وقف فيه عند الصخرات، وقال هذا في منى خشية أن يظن أن لا منحر إلا في المكان الذي نحر فيه صلى الله عليه وسلم، ولم يقل صلى الله عليه وسلم حين رمى الجمرات أيام التشريق بعد الزوال " رميت هذا الوقت وكل اليوم وقت رمي" فلما قال في الموقف بعرفة والمنحر بمنى ما قال ولم يقل نظيره في وقت رمي الجمار أيام التشريق تبين الفرق بينهما، وأن الرمي أيام التشريق يختص بالوقت الذي رمى فيه، وأن الموقف بعرفة والمنحر بمنى لا يختص بالمكان الذي وقف فيه والمكان الذي نحر فيه، وهذا من أوضح الواضحات.

وتوسيع النبي صلى الله عليه وسلم زمن الوقوف لامستفاد من حديث عروة بن مضرس ليس توسيعاً إطلاقياً،وإنما هو توسيع محدود الأول والآخر. فمن وقف في غير عرفة فلا حج له، ومن وقف في غير الزمن المحدود في حديث عروة فلا حج له، فمكان الوقوف وزمانه محدودان بالسنة النبوية،وزمن الرمي وعدده ومكانه محدودة بالسنة النبوية كما تقدم في حديث جابر وغيره،فمن لم يكتف في أي عبادة من عبادات الحج بمقدار التوسيع الذي وسعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وقاسها على توسيع زمن أو مكان عبادة أخرى فقد أخطأ، وقدم بين يدي الله ورسوله، وشرع من الدين ما لم يأذن به الله، فإن العبادات نوعاً وقدراً ووقتاً وكيفية إنما تتلقى من مشكاة النبوة، والآراء مطرحة والقياس لا قيمة له إذا أشرقت شمس سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

قوله:وجعل الأصحاب الوقوف إلى الغروب من الواجبات التي تجبر بدم، والحديث لا يقتضيه.

يقال له: ليس هذا قول الأصحاب فقط، بل هو قول سائر أئمة الدين وعلماء المسلمين إلا من شذ، بل ذهب الإمام مالك رحمه الله إلى أن ذلك من أركان الحج.

ودليل وجوب بقاء الواقف بعرفة إلى غروب الشمس فعله صلى الله عليه وسلم، مع قوله صلى الله عليه وسلم " خذوا عني مناسككم" ().وتقدم قول شيخ الإسلام في شرح العمدة: إذا خرج مخرج الامتثال والتفسير كان حكمه حكم الأمر.

ولا يظن أن بين ما قررناه ها هنا وبين حديث عروة بن مضرس شيئاً من التنافي، بل ما قررناه يوافق حديث عروة ويفسره؛ وذلك أنه ليس في حديث عروة ما يدل على جوز الدفع من عرفة قبل غروب الشمس أصلاً؛ فإن قوله صلى الله عليه وسلم: " وقد وقف بعرفة ليلاً أو نهاراً " يفسره فعله صلى الله عليه وسلم؛ إنه وقف المسلمين نهاراً إلى غروب الشمس؛ فدل على أنه واجب، وعروة لم يصل إلى عرفة إلا ليلاً فقط؛ لأنه لو كان قد وقف بها نهاراً مع الجمع العظيم ما قال للنبي صلى الله عليه وسلم فهل لي من حج، وأكثر ما في حديث عروة صحه حج من وقف بعرفة نهاراً ودفع قبل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير