تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقال: الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام عندما تقوم الأعذار الشرعية في ترك المأمورات العينية، يخرجون من ذلك المأزق إلى ما وسعه الله من الرخص الشرعية. إما بالعدول إلى الاستنابة فيما يمكن الاستنابة،وإما إلى الاكتفاء بالفدية فيما فيه فدية، كما عرف ذلك في أقوال العلماء المستندة إلى الدليل، ولا حرج ولا ضيق إلا في حق من لم يعرف الطريق، ولم يشم رائحة الفهم والتحقيق. قوله: حتى إن هذا ليعد من التكاليف الآصارية، التي تبطله النصوص الدينية،وما اشتملت عليه من الرحمة والمصلحة والإحسان والحنان.

يقال: لا يعد هذا من الآصار إلا من انغمس في الإلحاد، وصرح بما يدل أنه عن الدين قد حاد، أو منافق قد عاث في الأرض والفساد وتستر بالدين وكان في الحقيقة للدين قد كاد، أو جاهل قد تزيا بزي أهل العلم وهو منهم في غاية الابتعاد، فعد ذلك من الحرج، وتصور أن لا مخرج منه إلا بما أدركه فهمه الذي مرج، وفارق أفهام السلف الصالح الذين أقاموا من الدين العوج،وعرفوا الخروج من المضايق بما يسر الله وشرعه من فرج، وذلك أن الناس إذا عملوا بغث رخصته، حشدوا جميعاً أو أكثرهم أول النهار خشية حر الشمس أو قبل الفجر فحصل ما فر منه من الزحام، وفات عليه غرضه الذي حوله قد حام، لتوسيع هذا الرجل لهم المجال، وتصريحه بما لم يسبق إليه في الاستدلال، فإنه صرح ـ كما يأتيك في رسالته ـ بما يقتضي أن حديث " فما سئل يومئذ عن شيء قدم أو أخر إلا قال أفعل ولا حرج" أن التحديد في أمثال هذا من باب الاستحباب، وليس له أي حظ من حكم الإيجاب، أو يفضي ما قرره إلى تأخيره عن يومه إلى الليل، فيلقون من مكابدة ظلامه كل ويل، أو إلى أن يستولي عليهم الكسل، فيفضي بهم إلى ترك العبادة مطلقاً أو تأخيرها التأخير الموقع في الإثم، وحينئذ يكون هذا الرجل قد فوتهم المأمور، وأوقعهم في نظير ما فر منه من المحذور، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

ولعمري لا شيء أحسن من الاعتصام بالكتاب والسنة،والدرج على ما جرج عليه صدر هذه الأمة،الذين هم القدوة والأئمة، الذين عرفوا من مراد الله ورسوله تاصيلاً وتفصيلاً ما حرمه أرباب الدعاوي الكاذبة، الذين صرحوا فيما كتبوه بأقلامهم بما يقتضي أنهم من أزجى الناس بضاعة في الشريعة المحمدية، وحظهم اللخبطة الشقاشق، والمخرفة والتحامق،وقد قدمنا أ، ه معلوم بالضرورة أن هذا الدين الإسلامي هو دين الرحمة والمصلحة رخصه وعزائمه.

قوله:" والنبي صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم العيد في أول النهار، ثم رمى الجمار بقية الأيام فيما بعد الزوال " والكل سنة، وإنما فعل هذا وهذا توسعة منه على أمته، وبياناً لامتداد وقته،كما وسع عليهم في الوقوف بعرفة في المكان والزمان، فإنه وقف بها بعد الزوال إلى الغروب عند الصخرات، وقال:" وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف " () وقال فيما رواه عروة بن مضرس المزني، أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بمزدلفة، قال: قلت يارسول الله: جئتك من جبل طيء، أكللت راحلتي،وأتعبت نفسي، ولا والله ما تركت من جبل تحب أو يوقف عليه إلا وقفت عليه فهل يجزيني ذلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من شهد صلاتنا هذه ـ يعني بالمزدلفة ـ ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجة وقضى تفثه " () وقد استدل الإمام أحمد بهذا الحديث على أن وقت الوقوف يدخل بفجر يوم عرفة،وجعل الأصحاب الوقوف إلى الغروب من الواجبات التي تجبر بالدم، والحديث لا يقتضيه. والله أعلم.

يقال: مراد هذا الرجل بالسنة هاهنا السنة الاصطلاحية المعرفة عند الفقهاء بتعريف المستحب ـوهو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه ـ كما يعرف مما سبق من كلامه وما سيأتي منه. ومراده أيضاً أنه كما أن رمي جمرة العقبة يوم النحر أول النهار سنة،فالرمي في أيام التشريق بعد الزوال سنة، وأنه يجوز في أيام منى الثلاثة رمي الجمار قبل الزوال، كما رمى صلى الله عليه وسلم جمرة العقبة في يوم النحر ضحى، فقاس رمي الجمار أيام التشريق على رمي جمرة العقبة يوم النحر في توسيع وقته، فيلزمه حينئذ أن يقيس أيام التشريق على يوم النحر في الاقتصار على رمي جمرة العقبة ولا فرق،وهذا قياس باطل، لمخالفته فعله صلى الله عليه وسلم وقد قال

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير