تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الفقيه أحمد الرهوني التطواني وهو شيخنا، جَمَع نحو سبعين مسألة جَرَى بها العمل بتطوان، وهكذا وَلَجَ الناسُ هذا الباب للعبث بأحكام الشرع، مما حدا ببعض الغيورين إلى استنكارِ هذا العمل جملة وتفصيلا، ومن الطريف أن أحد مشايخنا (الدكتور الهلالي) كان يقول عن العمل المطلق: أي عن قيد الإيمان، وعن العمل الفاسي: بأنه العمل الفاسد بالدال، وبعضهم يطلق عليه العمل الفاسق، وهم وإن زَعَموا أن لجريان العمل شروطاً خمسة، فإن مَن تأملها وجدها نظرية لا تقبل التطبيق على ما جرى به العمل، وقد جمع هذه الشروط محمد بن المدني كنون في قوله:

والشرط في عملنا بـ (العملِ) صدورُه عن قُدوة مؤهل

معرفة الزمان، والمكان وجود موجِبِ إلى الأوان

والملاحظ: أن كثيراً من مسائل التي جرى بها العمل مخالفة للشريعة والمذهب، وهم يعلمون هذا، ويبررون بقاءَها والحكم بها وتقديمها بجريان العمل بشروطه. وهذه أمثلة على سبيل المثال لا الحصر، منها: ترك الحكم باللعان وهو حكم قرآني. قال في أرجوزة العمل الفاسي:

واترُك لفاسقٍ وغيرِه اللعانْ أو هُو لفاسقٍ فقط بغيرِ ثان

وقال الزقاق في لاميته:

وترك لعان مطلقا أو لفاسق ... إلخ، وإذا أردنا تطبيق الشروط لم نجد إلا ثبوته إلى الآن، ومكانه، هو فاس أما مَتَى وقع هذا، ومَن أولُ مَن ألغاه فلا يعرف بالتدقيق، ومنها: بعث الحكَمين للإصلاح بين الزوجين، وهو أيضا حكم قرآني، قال تعالى:? وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً ?. [النساء:35]. وقد شن أبو بكر ابن العربي في أحكام القرآن، الغارة على المالكية في هذا، وهذه عبارته بعد إيراده آية:? وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا ... ? قال: هي من الآيات الأصول في الشريعة، ولم نجِد لها في بلادنا أثراً، بل ليتهم يرسلون إلى الأمينة، فلا كتابَ الله تعالى ائتمروا، ولا بالأقيسة اجتزَوْا، وقد نَدبْتُ إلى ذلك فما أَجابني إلى بَعْثِ الحكمين عند الشقاق إلا قاضٍ واحد، ولا إلى القضاء باليمين مع الشاهد إلا قاضٍ آخر، فلما ولاَّني الله الأمرَ أجريتُ السنة كما ينبغي، وأرسلتُ الحَكَمين، وقمْتُ في مسائل الشريعة كما علَّمني الله سبحانه ... إلخ، وهذا نص جيد جداً، وهو غني عن التعليق،وقد أفاد تورطَ مالكية الأندلس في إلغاء الحكم بالشاهد واليمين أيضا رَغمَ رواية مالك لحديثه في الموطأ، وقد سبق ابنَ العربي إلى التشنيع عليهم بذلك أبو عمر ابن عبد البر في التمهيد في عبارة قاسية، ثم هذا أيضا لا يقبل تطبيق شروط العمل إلا ما كان من الحُكم بالشاهد واليمين، فقد سَمَّى ابن عبد البر أولَ مَن ألغاه وهو يحيى بن يحيى ولم يذكر لذلك سببا، ومنها: ما عبر عنه صاحب العمليات بقوله:

والذِّكْرُ مَعَ قِرَاءَةِ الأَحْزَابِ جَمَاعَةً شَاعَتْ مَدَى أَحْقَابِ

كَذَا المَثَانِي تَعْقُبُ المُعَقِبَاتْ مَعَ رَفْعِكَ الأَيْدِي بِإِثْرِ الصَّلَوَاتْ

ومذهب مالك وأصحابه في هذا معروف، وهو إنكار هذا لكونه بدعةً، فلا قراءة حزب، ولا تجمع، ولا قراءة بصوت واحد، ولا رفع الأيدي خلفَ الصلوات، هذا كله يشجُبه مالك و ينكره، بل ويتهدد مَن يفعل هذا بالنفي والطرد من المساجد، هذا كلام تجده في شروح مختصر خليل، ومالك رحمه الله شديد في باب الابتداع في الدين لا يعرف هوادة في ذلك، ولكنَّ المتأخرين من المنتسبين إليه في الأندلس والمغرب، خالفوه في ذلك جهاراً، وفتحوا باب الابتداع في الدين، بقولهم بالبدعة الحسنة، وغلوهم في ذلك، ولا يُعرف من شروط جَرَيان العمل في هذا إلا المكان والزمان على وجه التقريب، ومبتدع الحزب هو المهدي ابن تومرت زعيم الموحدين وهذا الرجل كان دجَّالا مشَعوِذا، ادَّعى المهدية وهو كاذب، وكم له من بِدَع جَرى بها العملُ ك: (أَصْبَحُ ولله الحمد) في آذان الصبح، ولا زالوا يقولونها إلى الآن،والتهليل يوم الأحد ليلاً، ويومَ الخميس ليلا قبل صلاة العشاء والصبح، ويَتَقاضَون على ذلك أجراً من الأحباس، وهذه بدَع. ومنها: قوله في العمل الفاسي:

والكَتْبِ بِالذَّهَبِ والتَّزْوِيقِ في الكُتْبِ وَالمَسْجِدِ وَالتَّوْثِيقِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير