تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و كأنهم تناسوا هؤلاء الرجال و مكانتهم و لا أريد من هذا أن أجعل الرجال معصومين أو أن أجعلهم في مقام النبي صلى الله عليه و سلم كلا و أبرأ إلى الله من ذلك و لكن تأمل أن هؤلاء الرجال هم أناس شابت رؤوسهم و رسخت أقدامهم في العلم و هم أعلم من هؤلاء المدّعين و القائلين بنبذ المتون بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و بقدره صلوات ربي و سلامه عليه و ما حملهم على التصنيف و جمع الأحكام الشرعية إلا الضعف العلمي و الخور الذي حصل على مر القرون و الأيام و الدهور.

- لا شك أن الهمة ينبغي أن تسمو إلى كتب الحديث فالأصل هو الكتاب و السنة و لكن الترقي في مدارج الطلب و النظر و الإجتهاد لا يمكن أن يحصل إلا بتطلب الفقه من كتب المتون لأن المتون دقيقة المعنى و العبارة و تفيد في تصوّر المسائل و أنا أسوق لك كلام شيخ التأصيل العلمي الشيخ المكرم: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حيث قال حفظه الله تعالى في محاضرته الفرق بين كتب الفقه و كتب الحديث: " وطالب العلم في طريقه في طلب العلم يحتاج إلى فرق مهم وهذا الفرق كثيرون لم يدركوه، وهو الفرق بين تناول كتب الفقه وكتب الحديث، كتب الفقه فيها كلام على المسائل الفقهية وفيها الأدلة وفيها الخلاف. وكتب الحديث فيها أيضاً الكلام على المسائل الفقهية وفيها الأدلة وفيها الخلاف والترجيح. فمن جهة النظر إلى المحتوى قد يتشابه هذا وهذا ولهذا يشتكي كثير من طلاب العلم الذين في الكليات الشرعية، كلية الشريعة أو كلية أصول الدين في الرياض أو في نحوهما يشتكون من أنهم إذا دخلوا الكلية وابتدأو في دراسة الفقه والحديث، يشتبه عليهم تقرير هذا وتقرير هذا، يشتبه عليهم شرح الأستاذ الذي يدرسهم الفقه مع شرح الأستاذ الذي يدرسهم الحديث، من جهة أن كلاً منهما يورد أدلة وخلافاً وتصويراً للمسألة وربما كان إيراد هذا يختلف عن إيراد ذاك من جهة الاستيعاب أو الاستدلال أو بيان وجه الاستدلال أو استخدام علوم الآلة أو الترجيح ... إلى غير ذلك، وهذا يجعل طالب العلم في كثير من الالتباس في جهة تحصيل العلم، وهل يطلب علم الأحكام من كتب الحديث أو يطلبها من كتب الفقه؟ وبسبب عدم معرفة كيفية تناول الأحكام هل هو من كتب الحديث أم من كتب الفقه وما ميزة هذه وهذه؟ وهل هذه تعارض هذه أم لا؟ بسبب عدم العلم بهذه المسائل، حصل نقص عند كثيرين من طلاب العلم، وما اكتمل ملكتهم في العلم من جهة التكامل بين هذين العلمين العظيمين، الفقه والحديث ...... إلى أن قال: " لهذا تنظر إلى علم الفقه وعلم الحديث إلى أنه لا انفصال بينهما في الحقيقة، فالفقه هو فقه الأحكام الشرعية وهذا يكون مبنياً على أدلة، ومن الأدلة السنة. ينتج من ذلك أن أدلة الفقيه أعم من أدلة المحدث، بمعنى أن الكتاب الذي يعرض لمسائل الفقه تكون أدلته أوسع من أدلة الكتاب الذي يعرض لفقه الحديث، لِمَ؟ لأن من نظر في فقه الحديث يكون الدليل هو الذي يتكلم عليه من الحديث، عنده حديث في البلوغ ويشرحه، أو حديث في منتقى الأخبار ويشرحه، مثل نيل الأوطار، أو حديث في البخاري يشرحه أو نحو ذلك، فيكون شرحه مبنياً على هذا الحديث، واستنباطه للحكم بما في هذا الحديث من الحكم.

أما الفقيه فإنه يستنبط الحكم من عدة أدلة، قد يكون الدليل نصاً من الكتاب أو السنة، وقد يكون اجماعاً، وقد يكون قياساً شمولياً، وقد يكون قياس علة، وقد يكون قول صاحب، أو قول إمام ... الخ

نرجع إلى تأصيلها فنقول: المقصود من هذا أن كتب الفقه تختلف عن كتب الحديث من جهة الأدلة.

إن كتب الحديث إذا رجعنا إلى أولها فتجد أن الإمام يبوّب على الحديث بما فيه من الفائدة، لكن لا يرى الاختلاف الذي فيه، فمثلاً الامام البخاري في تبويباته يبوِّب على فقه الحديث الذي عنده، أبو داود في تبويبه يبوّب على فقه الحديث الذي عنده، الترمذي النسائي ابن خزيمة ... الخ يبوِّبون ناظرين في التبويب - والتبويب هو عبارة عن الحكم أوالفائدة - راجع إلى فقههم إلى هذا المتن.

لكن إذا نظرت في المسألة نفسها نظرتها في كتب الفقه فتجد أن الفقيه يستدل بعموم آية، أو بمفهوم آية، أو يستدل بعدد من الأحاديث، أو يستدل بقاعدة أو أقوال الصحابة .. الخ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير