تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[موضوع للمناقشة و ابداء الرأي الشرعي]

ـ[بومعالي نذير]ــــــــ[26 - 07 - 07, 11:39 م]ـ

الخدمة العسكرية و أثرها في سقوط الجزية عن أهل الذمة

من عدالة الإسلام أن وزع التكاليف و الواجبات الوطنية بالعدل و المساواة بين كل أبنائه كإخراج الزكاة أداء و الخراج و الدفاع عن الدولة و دفع الجزية ... الخ.

فكان على رأس واجبات الفرد المسلم نحوها إخراج زكاة أمواله و الدفاع عنها بل و حتى على من فيها من باقي المواطنين من العاجزين و أهل الذمة و كان على رأس واجبات أهل الذمة اتجاه الدولة دفع الجزية و الخراج.

فالجزية في عمومها يدفعها الذي نظير تمتعه بالحماية التي تحقها له الدولة في الحالات العادية و في حال وقوع الخطر و هو ما يعتبر واجبا إسلاميا يقوم به المسلم دون الذمي.

لقد كانت الدولة الإسلامية في صدرها الأول خالصة في جماعة المسلمين في رقعة جغرافية محددة إذا ما قورنت بما أصبحت عليه فيما بعد مترامية الأطراف، فكان اهتمامها الأول آنذاك هو صد العدوان و رد المحاربين الغزاة لها من البلاد المجاورة، فكان الجهاد في سبيل الله احد شعارات هذه العصبة المؤمنة في المدينة المنورة،فشهدت هذه الفترة مشاركة غير المسلمين في أمور الدفاع عن الدولة الإسلامية فها هو الإمام الترمذي قد افرد بابا سماه [باب ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم؟]، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج إلى بدر حتى إذا كان بحرة الوبر ()،لحقه رجل من المشركين يذكر منه جرأة و نجدة، فقال له النبي صلى الله عليه و سلم:"تؤمن بالله و رسوله؟ قال: لا، قال: ارجع فلن استعين بمشرك" ()،و العمل على هذا عند بعض أهل العلم، قالوا: لا يسهم لأهل الذمة و إن قاتلوا مع المسلمين العدو، و رأى غيرهم من أهل العلم أن يسهم لهم إذا شهدوا القتال مع المسلمين، فقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم انه أسهم لنفر من اليهود قاتلوا معه ()،و في الباب نفسه حديثا عن أبي موسى، قال:"قدمت على رسول الله صلى الله عليه و سلم و نفر من الأشعريين خيبر، فأسهم لنا مع الذين افتتحوها" ()، و العمل عند بعض أهل العلم أيضا أنه من لحق بالمسلمين قبل أن يسهم للخيل أسهم له كما ذهب إليه الإمام الأوزاعي ().

لقد تغيرت الأمور اليوم بالنسبة لمسالة مشاركة أبناء الوطن الواحد للدفاع عنه، فقد أصبحت الخدمة العسكرية أو الخدمة الوطنية أو خدمة العلم أو سميها ما شئت فهي تسميات متقاربة لمسمى واحد جوهره هو الدفاع عن الوطن، فالخدمة العسكرية جديدة بهذا المفهوم، كما أصبح لكل دولة مسلمة قواعد متبعة تنظمها، و أصبح يشترك في أدائها إجباريا كل المواطنين دون اعتبار للدين أو اللغة أو العرق، و في بعض الدول حتى الجنس فالإناث كالذكور كما هو الحال في المملكة الهاشمية الأردنية، أو اختياريا في دول مسلمة أخرى، كما انه في بعض الدول يقتصر أداؤها على عدد معين أو جماعة محترفة تخدم جيشها و تسهر على حماية باقي المواطنين من مسلمين و غير مسلمين في عصر تحديث الجيوش و الاعتماد على التكنولوجيا في مسالة الدفاع عن الوطن، فلا حاجة للأعداد الكبيرة من الأفراد لتأمين حماية الوطن و الدفاع عنه الأمر الذي يدفعنا للقول بان الغرض الأساسي من الخدمة العسكرية بقي ثابتا و هو صد العدوان و دفع المعتدين و حماية الوطن من الأخطار و هو الغرض ذاته قديما و حديثا و يبقى هو ذاته مستقبلا، غير أن المتغير فيه هو وسائل الدفاع و الحماية و هذا هو الذي يوضح لنا انه لم تعد الحاجة ماسة إلى الأفراد بقدر الحاجة إلى وسائل الدفاع، و عليه هل يمكن أن تسقط الجزية كواجب على الذمي المشارك في القوات المسلحة للدفاع عن الوطن كما هو الحال اليوم و في غالبية الدول المسلمة و التي من مكوناتها أقليات مسيحية أو يهودية أو غيرها؟

إن القاعدة الإسلامية تقول:"الأحكام تتغير بتغير الأزمان"و عليه و مما يفهم من هذه القاعدة وجوب اتخاذ إجراءات و تدابير عملية يستحسنها المجتمع هي أرفق لمصلحة الأفراد و الوطن، و مسايرة لمعطيات العصر، و بما أن العلة تدور مع المعلوم وجودا و عدما و أن الضرورات تبيح المحظورات و بخاصة إذا كانت ثمة منافع عامة مهمة للأمة كتقرير الأمن و الراحة و سد باب الغش و التزوير بملاحظة المصلحة العامة و التي ما أحوجنا إليها اليوم في مجتمعاتنا العربية الإسلامية، فلا باس هنا بعدم طلب الراجح و المرجوح من الأقوال، فالعمل اليوم في بعض القضايا و المسائل الحساسة أن يؤخذ بالأقوال الضعيفة في مسائل محددة و لظروف معينة () للحفاظ على المصلحة العليا للأمة ().

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير