وعند الشّافعيّة قولان - الأوّل وهو الصّحيح - بأنّ الوصال مكروه كراهة تحريم، وهو ظاهر نصّ الشّافعيّ رحمه الله، والثّاني: يكره كراهة تنزيه.
و - صوم الدّهر - صوم العمر:
جاءت النصوص الكثيرة بما يدل على كراهة صوم الدّهر، وعلّلت الكراهة بأنّه يضعف الصّائم عن الفرائص والواجبات والكسب الّذي لا بدّ منه، أو بأنّه يصير الصّوم طبعاً له، ومبنى العبادة على مخالفة العادة, واستدلّ للكراهة، بحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ " [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِمَنْ صَامَ الدَّهْرَ؟ قَالَ: لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ، أَوْ لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ " [اخرجه ابو داود والنسائى والترمذى قال الالبانى: صحيح].
قوله:" لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ " قَالَ فِي ْفَتْحِ الباري: أَيْ لَمْ يَحْصُلْ أَجْرَ الصَّوْمِ لِمُخَالَفَتِهِ وَلَمْ يُفْطِرْ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكَ وَإِلَى كَرَاهَةِ صَوْمِ الدَّهْرِ مُطْلَقًا ذَهَبَ إِسْحَاقُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ , وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: يَحْرُمُ، وَيَدُلُّ لِلتَّحْرِيمِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ , وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ كَمَا فِي الْفَتْحِ إلَى اسْتِحْبَابِ صَوْمِهِ!!!.
ى- يكره تخصيص رجب بالصوم:
قال أحمد وإن صامه رجل أفطر فيه يوما أو أياما بقدر ما لا يصومه كله ووجه ذلك ما روى عن أحمد عن خرشة بن الحر قال: " رأيت عمر يضرب أكف المترجبين (الذين يخصون رجب بصيام) حتى يضعوها فى الطعام و يقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية " [قال الألبانى فى "إرواء الغليل" 4/ 113:صحيح].
وبإسناده عن ابن عمر أنه كان إذا رأى الناس وما يعدون لرجب كرهه وقال: صوموا منه وأفطروا وعن ابن عباس نحوه وبإسناده عن أبي بكرة أنه دخل على أهله وعندهم سلال جدد وكيزان فقال ما هذا فقالوا رجب نصومه قال أجعلتم رجب رمضان فأكفأ السلال وكسر الكيزان قال أحمد: من كان يصوم السنة صامه وإلا فلا يصومه متواليا يفطر فيه ولا يشبه برمضان. أ.هـ[المغنى – ج6 ص181]
وَحَكَى ابْنُ السُّبْكِيّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَرِدْ فِي اسْتِحْبَابِ صَوْمِ رَجَبٍ عَلَى الْخُصُوصِ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي تُرْوَى فِيهِ وَاهِيَةٌ لَا يَفْرَحُ بِهَا عَالِمٌ.
قال الألبانى فى "إرواء الغليل" 4/ 114:
وفى الحديث عن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَرْسَلَتْنِي أَسْمَاءُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَتْ:" بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةً الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ وَمِيثَرَةَ الْأُرْجُوَانِ وَصَوْمَ رَجَبٍ كُلِّهِ فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ رَجَبٍ فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الْأَبَدَ .......... " [المِيثَرَةَ: الفراش الوطئ] [الْأُرْجُوَانِ: صبغ احمر شديد الحمرة] [أخرجه مسلم (3855)].
و عليه يشكل قوله فى هذه الرواية: " فكيف بمن يصوم الأبد " , فقد فسروه بأنه
إنكار منه لما بلغ أسماء من تحريمه , و أخبار منه أنه يصوم رجبا كله , و أنه
يصوم الأبد. كما فى شرح مسلم للنووى , و " السراج الوهاج " لصديق حسن خان (2/ 285).
فلعل التوفيق بين صومه لرجب , و كراهته لذلك , أن تحمل الكراهة على إفراد رجب بالصوم كما يفرد رمضان به , فأما صيامه فى جملة ما يصوم فليس مكروها عنده و الله أعلم.أ. هـ
?فصل فى بيان الفرق بين صوم الفرض وصوم التطوع?
س: ما الفرق بين صوم الفرض وصوم التطوع؟
الجواب:
صوم الفرض هو ما كتبه الله على عباده أوكتبه العبد على نفسه على وجه الالزام الحتمى كالنذر , وتنشغل الذمة التكليفية به فلا يسقط الا بالاداء او العذر واداء البدل ان كان هناك بدل دل عليه الشرع كالفدية فى صيام رمضان.
¥