قَوْله: (فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ) فِي رِوَايَة " فَلَا يُفْطِرْ ". قَوْله: (فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ) فِي رِوَايَة " فَإِنَّمَا هُوَ رِزْق رَزَقَهُ اللَّهُ " وعَنْ هِشَامٍ " فَإِنَّمَا هُوَ رِزْق سَاقَهُ اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِ " قَالَ اِبْن الْعَرَبِيِّ: تَمَسَّكَ جَمِيعُ فُقَهَاء الْأَمْصَارِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ.
وَقَوْله " فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّه وَسَقَاهُ " مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى صِحَّة الصَّوْم لِإِشْعَارِهِ بِأَنَّ الْفِعْلَ الصَّادِرَ مِنْهُ مَسْلُوبُ الْإِضَافَةِ إِلَيْهِ فَلَوْ كَانَ أَفْطَرَ لَأُضِيفَ الْحُكْمُ إِلَيْهِ , قَالَ: وَتَعْلِيق الْحُكْمِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْب لِلْغَالِبِ لِأَنَّ نِسْيَان الْجِمَاع نَادِرٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمَا ........ وَمَدَار كُلِّ ذَلِكَ عَلَى قُصُورِ حَالَةِ الْمَجَامِعِ نَاسِيًا عَنْ حَالَةِ الْآكِلِ ......... فِي بَعْض طُرُقِ الْحَدِيثِ " مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْر رَمَضَان " لِأَنَّ الْفِطْر أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ , وَإِنَّمَا خَصَّ الْأَكْل وَالشُّرْب بِالذِّكْرِ فِي الطَّرِيق الْأُخْرَى لِكَوْنِهِمَا أَغْلَبَ وُقُوعًا وَلِعَدَمِ الِاسْتِغْنَاء عَنْهُمَا غَالِبًا.
قَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى إِيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا وَهُوَ الْقِيَاسُ , فَإِنَّ الصَّوْمَ قَدْ فَاتَ رُكْنُهُ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَأْمُورَات , وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النِّسْيَانَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَأْمُورَاتِ، قَالَ: وَعُمْدَةُ مَنْ لَمْ يُوجِبْ الْقَضَاءَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِتْمَامِ , وَسَمَّى الَّذِي يُتِمُّ صَوْمًا , وَظَاهِرُهُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّة فَيُتَمَسَّكُ بِهِ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالصَّوْمِ هُنَا حَقِيقَتُهُ اللُّغَوِيَّةُ.
وَفِي الْحَدِيثِ لُطْفُ اللَّهِ بِعِبَادِهِ وَالتَّيْسِير عَلَيْهِمْ وَرَفْعُ الْمَشَقَّةِ وَالْحَرَجِ عَنْهُمَا , وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ لِهَذَا الْحَدِيثِ سَبَبًا فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ دِينَارٍ عَنْ مَوْلَاتِهَا أُمِّ إِسْحَاقَ أَنَّهَا " كَانَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأُتِيَ بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيد فَأَكَلْت مَعَهُ , ثُمَّ تَذَكَّرَتْ أَنَّهَا كَانَتْ صَائِمَةً , فَقَالَ لَهَا ذُو الْيَدَيْنِ: الْآنَ بَعْدَمَا شَبِعْت؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتِمِّي صَوْمَك فَإِنَّمَا هُوَ رِزْق سَاقَهُ اللَّه إِلَيْك " وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْأَكْلِ وَكَثِيرِهِ. وَمِنْ الْمُسْتَظْرَفَاتِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَنَّ إِنْسَانًا جَاءَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَة فَقَالَ أَصْبَحْت صَائِمًا فَنَسِيت فَطَعِمْت , قَالَ لَا بَأْسَ. قَالَ: ثُمَّ دَخَلْت عَلَى إِنْسَانٍ فَنَسِيت وَطَعِمْت وَشَرِبْت , قَالَ. لَا بَأْسَ اللَّهُ أَطْعَمَك وَسَقَاك. ثُمَّ قَالَ: دَخَلْت عَلَى آخَرَ فَنَسِيت فَطَعِمْت , فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنْتَ إِنْسَانٌ لَمْ تَتَعَوَّدْ الصِّيَامَ.أ. هـ
وعن عبد الله بن دينار قال: "استسقى ابن عمر وهو صائم، فقال: ألست صائما؟ فقال: أراد الله أن يسقينى فمنعتني".
س: ماذا على من أفطر خطأً أو كان ممن يجوز له الفطر فى بقية نهار رمضان؟
الجواب:
قال ابن قدامه:
إذا أصبح مفطرا يعتقد أنه من شعبان فقامت البينة بالرؤية لزمه الإمساك والقضاء في قول عامة الفقهاء ....... أشبه من أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع فإذا تقرر هذا فإن جامع فيه فعليه القضاء والكفارة كالذي أصبح لا ينوي الصيام أو أكل ثم جامع وإن كان جماعة قبل قيام البينة فحكمه حكم من جامع يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع على ما مضى فيه.
¥