وكونها مرجحة عن المغاربة لا يلزم منه دائما أن ما فيها هو الراجح في نفس الأمر , لا سيما وأن مسألة الترجيح بين المصادر والروايات قد توسع فيها بعضهم , حتى قال الشيخ علي العدوي ملخصاً لما قيل , ونقلا عن شيخه علي الأجهوري:" إن رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة , مقدمة على رواية غيره فيها , ورواية غير ابن القاسم في المدونة , مقدمة على قول ابن القاسم في المدونة , وأولى في غيرها , وقول مالك الذي رواه عنه ابن القاسم , ولو في غير المدونة , مقدم على قول ابن القاسم في غيرها , وأما قوله فيها , فهو مقدم على روايته عن الإمام في غيرها , (حاشية الشيخ علي العدوي على شرح الشيخ الخرشي لمختصر خليل:1/ 36).
وهذا يلزم منه تقديم قول ابن القاسم في المدونة على ما رواه عن الإمام في غير المدونة.
فيقال إن من أصحاب مالك – رحمه الله – من لا يقل علماً عن ابن القاسم , فالقول بتقديم قول هذا العالم على الآخر مطلقاً , في الرواية والدراية , ودون نظر خاص في المسألة موضوع التقديم , ليس كما ينبغي , قال الإمام ابن القيم – رحمه الله – عن أشهب:" أنه أفقه أصحاب مالك على الإطلاق , (إعلام الموقعين:4/ 97).
ولعل قول ابن القيم لا يخالف قول من جعل ابن القاسم أفقه , لا ختلاف الجهة , كأن يكون أشهب أعرف بالحديث , والظاهر أن اختيار أقوال الإمام ابن القاسم إنما كان لغلبة اتباعه لمالك إلا في الأقل , بخلاف أشهب , وابن وهب , وابن كنانة. (إعلام الموقعين عن رب العالمين:1/ 27).
وقد كان كثير من المالكية الذين هم على صلة بفقه النصوص , ينكرون هذا التقديم ولا يلتزمونه , ومنهم الإمام ابن العربي , فقد قال في أحكام القرآن مرجحاً قول مالك في الموطأ بأن الذبيحة تؤكل إذا أدركت فيها الحياة , على قوله الآخر المشهور في المذهب:" والذي في الموطأ عنه أنه إن كان ذبحها ونفسها يجري , وهي تطرف أنه يؤكلها , وهذا هو الصحيح من قوله الذي كتبه بيده , وقرأه على الناس , من كل بلد عمرَه , فهو أولى من الروايات الغابرة , لا سيما والذكاة عبادة كلفها الله سبحانه عباده للحكمة التي يأتي بيانها ".
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[04 - 10 - 08, 10:34 م]ـ
,,, فالحاصل أنه إذا تعددت أقوال الإمام في مسألة , فإن أولاهما بالحق ما وافق الدليل , أو الاحتمال الراجح فيه إن كانت له احتمالات , ولا ينبغي أن يكون المعيار هو شهرة القول , وذيوعه وهذه مسألة ضاع بسببها كثير من الحق عن أتباع المذاهب , وهي قطب الرحا لمن أبى إلا أن يخدم مذهباً ما.
والله أعلم
(كيف نخدم الفقه المالكي للشيخ عابدين)
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[05 - 10 - 08, 06:05 م]ـ
جزاكم الله خيرا و ألح على الاخ عبد القادر بن محي الدين أن يرفع لنا كتاب " كيف نخدم الفقه المالكي " للشيخ عابدين بن حنفية -حفظه المولى عز وجل - ففوائده جمة ...
ـ[يوسف الخطيب]ــــــــ[27 - 10 - 08, 04:52 م]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا على هذه الإفادة، ومن عنده زيادة في موضوع الترجيح والوصول الى القول الصحيح للإمام مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في المسألة فلا يبخل علينا.
محب المذهب
يوسف الخطيب المالكي
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[27 - 10 - 08, 04:58 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 10 - 08, 09:02 م]ـ
نسبة الأقوال الخاطئة له بدأ للأسف في مرحلة مبكرة جداً. قال الإمام أحمد في رواية المروذي: «كان مالك يُسأل عن الشيء، فيقدم، ويؤخر يبهت. وهؤلاء يقيسون على قوله ويقولون: "قال مالك"». قال شيخ الإسلام في مجموع فتاواه: «ومعلومٌ أن مدوّنة ابن القاسم، أصلها مسائل أسد بن الفرات التي فرعها أهل العراق. ثم سأل عنها أسد ابن القاسم، فأجابه بالنقل عن مالك، وتارة بالقياس على قوله. ثم أصَّلَها في رواية سحنون. فلهذا يقع في كلام ابن القاسم طائفة من الميل إلى أقوال أهل العراق، وإن لم يكن ذلك من أصول أهل المدينة. ثم اتفق أنه لما انتشر مذهب مالك بالأندلس، وكان يحيى بن يحيى عامل الأندلس والولاة يستشيرونه، فكانوا يأمرون القضاة أن لا يقضوا إلا بروايته عن مالك، ثم رواية غيره. فانتشرت رواية ابن القاسم عن مالك لأجل من عمل بها. وقد تكون مرجوحة في المذهب وعمل أهل المدينة والسنة، حتى صاروا يتركون
¥