تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بين الناس مصححين ماأفسده الدهر، مذيبين ما تراكم على قلوبهم من ران، ليأخذوا بأيديهم نحو ماشعروا به من سمو الروح وشوق للجنة؟!

فوالله ثم والله، لو فقهنا ذلك ما كنا قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه من التفكك والتشرزم والحزبية والعنصرية، والسطحية الفكرية والميوعة العقائدية، فالعام تلو العام, والحج بعد الحج, والعمرة بعد العمرة, والسفراء بعد السفراء, والسفراء غير السفراء, كل هذا -لو فقهنا وعلمنا وصلحت نوايانا- لكنا قد تغَيرنا وغَيرنا وتأثرنا وأثَرنا .. ولكن للأسف أصبحنا -وكما حذّرنا رسولنا صلى الله عليه مسلم- غثاءٌ كغثاء السيل .. أفواج ذهبت للحج، أفواج تطوف, وأفواج تسعى, وأفواج تتدافع، وطائرات تنقل الحجيج من وإلى الأراضي المقدسة، وسيارات وحافلات وبواخر .. حالة طوارئ واستنفار في أجهزة الأمن والمطارات ومواقف السيارات .. جوازات سفر وتأشيرات وموافقات، ومسموحات وممنوعات، وشيكات ومراسلات .. أفواج بالملايين، ونفقات بالملايين، ولكن! وآهٍ مِن لكن! لكنها القلوب .. قلوبٌ شتى، مختلفة ومتخالفة، جامدة غير متآلفة، وانقسامات وعرقيات، وفرق وعنصريات، وطبقيات ومحسوبيات، وحُفر يحفرها الأخ لأخيه، وفخاخ ينصبها الزميل للزميل، وأحقاد يحملها الجار لجاره .. ومن كان غير هؤلاء وهؤلاء فهو تائه غافل لاهٍ عما يحدث لدينه ووطنه، لاتهمُّه النار التي تحوم حول بيته وولده، لايدري بل لايُتعب نفسه بأن يحاول أن يدري أن النار آكلته وولده وبيته لامحالة.

آهٍ ثم آهٍ .. آهٍ لو تلاحمت قلوبنا .. آهٍ لو أُزيل الران من عليها .. آهٍ لو صفت النفوس .. آهٍ لو خلُصت النوايا .. آهٍ لو تحررنا من جاذبيتنا للأرض وعلاقتنا بالطين .. آهٍ لو سمت الأرواح .. آهٍ لو ذابت الشحوم في سبيل الله، آهٍ لو تعانقت الأرواح بدلاً من تعانق الكروش, آهٍ لوخفقت بالحب القلوب .. أهٍ لو فقهنا درس الحج، والعبرة من الحج، وآهٍ لو عملنا بما فقهنا، وتحرَّينا عمّا جهلنا، لعدنا كما كنا خير أمةٍ أُخرجت للناس.

الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=600

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:17 م]ـ

ليلة فى الحرم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد,

فإن من رحمة الله بعبادة إمهاله إياهم وعدم التعجيل لهم بما كسبوا. فيقول المولى عز وجل

{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل:61]

{وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاٍ} [الكهف: 58]

فسبحانه يحلم على عباده مع كثرة معاصيهم، ويصبر على تقلب قلوبهم بين حال وحال, حال ترتفع فيه درجة المحبين المُخلَصين, وحال تهبط فيه إلى درجة المتكبرين, نعوذ بالله من خُلُقِ إبليس اللعين.

وهو مع إمهاله إياهم يتودد إليهم بنعمه, ويتقرب إليهم وهو الغني عنهم, فمن تقرب إليه بشبر تقرب الله إليه ذراعاً, ومن تقرب إليه ذراعاً تقرب الله إليه باعاً, ومن أتاه يمشي أتاه الله هرولةً.

بل وفوق ذلك يريهم من العبر والآيات ما ينبه غافلهم ويزجر عاصيهم ويثبت صالحهم. فمن هذا أنه حدث -لمن أثق في صدقه- أنه كان معتكفاً في بيت الله الحرام في شهر رمضان. وذات ليلة بعدما صلى صلاة التروايح، وقبل أن ينام يقول أنه أحس في قلبه بشيء من الكبر والعجب, بعمله وعلمه وفهمه. أحس كأنه -بصلاته وصيامه- قد أدى إلى الله خدمه, أو أنه -بهدايته لأحد من الناس- قد زاد في ملك الله. أو أنه -بما منّ الله به عليه من الفهم- قد أحاط بكل علم. المهم, نام صاحبنا وقلبه على هذا الحال, هو لم يصل بعد إلى هذه الدرجة لكنه كان قد وقف على أول هذا الطريق ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير