هذا والملاحظ في جوابه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يهدف إلى حمل الحاج على أن لا يقف بحجه عند الاقتصار على فعل الواجب وترك المحرم فقط، بل عليه أن يسارع في الفضائل وينافس في الكمالات حتى يصل بحجه إلى أعلى درجات القبول بعد أن وصل به إلى أكمل صفات البرور، وبهذا يتضح أن ما عرفنا به البرور لا يختلف أبدا مع ما عرفه به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا مع ما عرفه به صاحبه رضي الله عنه.
وخلاصة القول، إن الحج المبرور هو الحج الذي استكمل سائر مؤهلات القبول من الإخلاص، وحسن الأداء والابتعاد به عن كل ما يخدش في قيمته كحج صادق ملؤه الخير والإحسان، وأن الحاج البار هو ذلك الحاج المطيع الذي لا يعصي، والمحسن الذي لا يسيء في خدمة سيده، والذي جمع إلى الطاعة الكاملة والإحسان العام فعل الخير وإسداء المعروف لوافدي بيت الله فأطعمهم طعامه، وألان لهم كلامه.
وإن حاجا كهذا قد ارتقى بحسن طاعته، وسما بطيب نفسه، لم يصبح جزاؤه حسنات، ولا محوا لسيئات فقط، لأن ذلك لا يعادل ما أهله الله له من سامي المنزلة، وعظيم الدرجة، فلم يكن له إذا من جزاء يعادل ثوابه إلا الجنة منزل الأبرار، ومقر الأصفياء الأخيار.
الترهيب لمن يترك الحج تهاوناً
روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله: "من ملك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله، ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً"، وذلك لأن الله تعالى قال في كتابه: {وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: "لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كانت له جدة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين".
وورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «من لم تحبسه حاجة ظاهرة، أو مرض حابس، ومنع من سلطان جائر ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً».
وجاء فيما يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل قوله: «إن عبداً صححت له جسمه ووسعت عليه المعيشة يمضي خمسة أعوام لا يفد إليّ إنه لمحروم».
فهذه الأحاديث وتلك الآثار تدل على مدى ذنب المتهاون بأداء هذه الفريضة، وأنه بتهاونه وتسويفه قد وقف على شفا هاوية من الجحيم، لأنه لا يؤمن عليه أن ينقلب ذلك التهاون والتسويف إلى استباحة ترك هذه الفريضة، أو احتقارها وعدم المبالاة بها -والله يحول بين المرء وقلبه- فيصبح - والعياذ بالله تعالى- من الكافرين، ولا غرابة فإن هذا ظاهر من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وقول صاحبه المتقدم: «فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً».
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=1421
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:27 م]ـ
صفة الحج
عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
حج بيت الله الحرام ركن من أركان الإسلام لقوله تعالى {وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97]. وقوله صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا» متفق عليه. فالحج واجب على كل مسلم مستطيع مرة واحدة في العمر.
الاستطاعة هي أن يكون المسلم صحيح البدن، يملك من المواصلات ما يصل به إلى مكة حسب حاله، ويملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً زائداً على نفقات من تلزمه نفقته. ويشترط للمرأة خاصة أن يكون معها محرم.
المسلم مخير بين أن يحج مفرداً أو قارناً أو متمتعاً. والإفراد هو أن يحرم بالحج وحده بلا عمرة.
والقران هو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً.
والتمتع هو أن يحرم بالعمرة خلال أشهر الحج (وهي شوال و ذو القعدة وذو الحجة) ثم يحل منها ثم يحرم بالحج في نفس العام.
ونحن في هذه المطوية سنبين صفة التمتع لأنه أفضل الأنساك الثلاثة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه.
¥