ويسن استسمان الأضحية واستحسانها لقول الله تعالى: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [الحج:32]. قال ابن عباس: (تعظيمها استسمانها واستعظامها واستحسانها) [الطبري، جامع البيان:17156].
بل إنه كلما زاد الثمن وغلا صار أفضل إذا كان يريد بذلك قربه سواء من الرقاب أو الأضاحي كما جاء في صحيح البخاري أن رسول الله سُئل أي الرقاب أفضل؟ فقال: {أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها} [البخاري:2518].
قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: (كل ما عظمت رؤيته عند المرء كان أعظم لثواب الله إذا أخرجه لله) [صحيح ابن خزيمة:14291].
5 - وقت ذبحها: المتفق عليه أنه صباح العيد بعد الصلاة، فلا تجزئ قبله أبداً، فيذبحها بعد صلاته مع الإمام، وحينئذ تجزية بالإجماع كما ذكر ذلك الإمام النووي. وأخرج الإمام مسلم في صحيحه أن النبي قال: {من ضحى قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمّ نسكه وأصاب سنة المسلمين} [مسلم:5/ 1961] بل جاء التأكيد منه كما في مسلم من حديث البراء بن عازب قال: خطبنا رسول الله يوم النحر، فقال: {ولا يذبحن أحد حتى يصلي} [مسلم:5/ 1961] وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في الزاد: (فإنه لم يكن يدع الأضحية وكان يضحي بكبشين وكان ينحرهما بعد صلاة العيد وأخبر أن من ذبح قبل الصلاة فليس من النسك في شيء، وإنما هو لحم قدّمه لأهله، هذا هو الذي دلت عليه سنته وهديه) أهـ. [زاد المعاد:2317].
6 - ما يستحب عند ذبحها: يستحب أن يوجهها إلى القبلة ويقول: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين). ثم إذا باشر الذبح أن يقول: (باسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك). والتسمية واجبة بالكتاب الكريم قال تعالى: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه [الأنعام:121].
قال الإمام ابن القيّم رحمه الله: (وكان من هديه أن يضحي بالمصلى، ذكره أبو داود عن جابر أنه شهد معه الأضحى بالمصلى فلما قضى خطبته نزل من منبره وأتى بكبش فذبحه بيده وقال: {بسم الله والله أكبر هذا عني وعمن لم يضح من أمتي} وفي الصحيحين أن النبي كان يذبح وينحر بالمصلى) أهـ. [متفق عليه].
قال ابن بطال: الذبح بالمصلى هو سنة للإمام خاصة عند مالك، قا لمالك فيما رواه ابن وهب: إنما يفعل ذلك لئلا يذبح أحد قبله. زاد المهلب: وليذبحوا بعده على يقين، وليتعلموا منه صفة الذبح. وعند مسلم [1967] من حديث عائشة رضي الله عنها وفيه: وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: {باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد} ثم ضحى به، فيه دليل لاستحباب قول المضحي حال الذبح مع التسمية والتكبير: اللهم تقبل مني واستحب بعضهم أن يقول ذلك بنص الآية: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم [البقرة:127].
7 - الإحسان حتى في الذبح: قال ابن القيّم: (وأمر الناس إذا ذبحوا أن يحسنوا الذبح وإذا قتلوا أن يحسنوا القتلة، كما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث شداد بن أوس قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله قال: {إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحكم شفرته وليرح ذبيحته} [مسلم].
وكان يضع قدمه على صفاحهما يعني صفحة عنق الذبيحة عند ذبحها لئلا تضطرب وهذه رحمة منه كما ذكر أنس وهو يشاهد الرسول وهو يذبح، قال الإمام ابن حجر في الفتح: (واتفقوا على أن إضطجاعها يكون على الجانب الأيسر فيضع رجله على الجانب الأيمن ليكون أسهل على الذابح في أخذ السكين باليمين وإمساك رأسها باليسار) أهـ.
8 - صحة الوكالة فيها: يستحب أن يباشر المسلم أضحيته بنفسه كما فعل، وإن أناب غيره في ذبحها جاز ذلك بلا حرج ولا خلاف بين أهل العلم في هذا.
9 - قسمتها المستحبة: يستحب أن تقسم الأضحية ثلاثاً: يأكل أهل البيت ثلثاً، ويتصدقون بالثلث، ويهدون لأصدقائهم ثلثاً، لقوله: {كلوا وادخروا وتصدقوا} [مسلم:6/ 80] وإن لم يقسمها هذه القسمة جاز كأن يتصدق بها كلها أو يأكلها كلها أو يهديها كلها.
¥