تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي الصحيحين أيضاً عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه}، ففي هذه الآيات الكريمات والآحاديث الشريفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الدلالة على أن الواجب على جميع المسلمين من الحجاج وغيرهم أن يتقوا الله وأن يتناصحوا بينهم، وأن يتعاونوا على البر والتقوى أينما كانوا، وأن يحب كل واحد لأخيه الخير، ويكره له الشر، وأن يأمره بالمعروف، وينهاه عن المنكر، بالحكمه والموعظه الحسنه، والجدال بالتي هي أحسن عند الحاجه إليه، ولاشك أن هذا من أعظم مقاصد الحج ومنافعه التي أشار إليها المولي سبحانه بقوله: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ [الحج:28] وقال سبحانه: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل:125].

وأنتم معاشر حجاج بيت الله الحرام قدمتم إلى هذا البلد الأمين لغرض نبيل، وعمل صالح، وهو أداء مناسك الحج والعمرة، فالواجب عليكم أن تتأدبوا بالآداب الشرعية، وأن تتخلقوا بالآخلاق التي يرتضيها الله لكم، وأوصاكم بها في الآيات السابقات وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في الآحاديث المذكورة وفي قوله عزوجل: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة:197]. وقال النبي: {العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة} [متفق على صحته].

والحج المبرور هو الذي لارفث فيه ولافسوق كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: {من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه}. والرفث هو الجماع قبل التحلل من الإحرام، ويلحق بذلك كل كلام مستفحش مما يتعلق بالنساء، أماالفسوق فهو العصيان، ويدخل في ذلك جميع المعاصي من الظلم، والسب، وإيذاء المسلمين بغير حق، والسخريه، والكذب، والغيبة، والنميمة، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، والظلم للناس في دمائهم وأعراضهم وأموالهم، وسائر ما نهى الله عنه ورسوله، ويدخل في الفسوق أيضاً: إيذاء المسلمين بالقول أو بالعمل في المشاعر والطرقات، وفي الطواف والسعي وحين رمي الجمار، وفي غيرذلك من الأماكن. كما يدخل في ذلك أيضاً التظاهرات، والهتافات بالدعاء لقوم، والدعاء على آخرين، فيصبح موسم الحج موضع فوضى وإختلافات وتظاهرات، ويخرج بذلك عما شرع الله فيه من إقامة ذكره والدعوة إلى سبيله والتناصح بين المسلمين وتعاونهم على البر والتقوى، وأداء المناسك في غاية الإخلاص والهدوء والطمأنينة، والرغبة فيما عندالله، والحذرمن عقابه، وقد قال الله سبحانه في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات:11].

نهى سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات في هذه الآية الكريمة عن أمور ثلاثة، السخرية: وهي الإستهزاء، واللمز: وهوعيب بعضهم بعض، والتنابز بالألقاب: يعني الألقاب التي يكرهونها ولايرضون أن يدعوا بها، مثل: يا فاجر، يا خبيث، يا عدوالله، وما ذاك إلا لأن إستعمال هذه الأمور فيما بين المسلمين مما يسبب الشحناء والعداوة وإثارة الفتن بينهم، وذلك مالا تحمد عقباه. ثم ختم الآية سبحانه بالحكم على وجوب التوبة من سائرالمعاصي، وأن الإصرار عليها ظلم لاتحمد عاقبته وقال عزوجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً [الأحزاب:58]. وقال النبي: {المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولايكذبه، ولايحقره، ولايخذله، التقوى هاهنا وأشار إلى صدره ثلاث مرات، بحسب إمرىء من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير