تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذه الأنواع من خطاب الملائكة والأنبياء والصالحين بعد موتهم عند قبورهم وفي مغيبهم، وخطاب تماثيلهم، هو من أعظم أنواع الشرك الموجود في المشركين، من غير أهل الكتاب، وفي مبتدعة أهل الكتاب والمسلمين الذين أحدثوا من الشرك والعبادات ما لم يأذن به الله تعالى، قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به الله} [الشورى: 21]. إلى آخر ما ذكره رحمه الله في رسالته الجليلة المسماة: "القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة" قد أوضح فيها أنواع الشرك فراجعها إن شئت.

وقال أيضاً- رحمه الله- في رسالته إلى أتباع الشيخ عدي بن مسافر ص 31 ما نصه: ((فصل: وكذلك الغلو في بعض المشايخ إما في الشيخ عدي، ويونس القني، أو الحلاج وغيرهم، بل الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونحوه، بل الغلو في المسيح عليه السلام ونحوه، فكل من غلا في حيّ، أو في رجل صالح، كمثل عليِّ رضي الله عنه أو عدي أونحوهما، أو في من يُعتقد فيه الصلاح كالحلاج أو الحاكم الذي كان بمصر أو يونس القني ونحوهم. وجعل فيه نوعاً من الألوهية مثل أن يقول: كل رزق لا يرزقنيه الشيخ فلان ما أريده، أو يقول: إذا ذبح شاة باسم سيدي. أو يعبده بالسجود له، أو لغيره، أو يدعوه من دون الله تعالى مثل أن يقول: يا سيدي فلان اغفر لي، أو ارحمني، أو انصرني، أو ارقني، أو أغثني، أو أجرني، أو توكلت عليك، أو أنت حسبي، أو أنا في حسبك، أو نحو هذه الأقوال والأفعال التي هي من خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله تعالى، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل. فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لنعبد الله تعالى وحده لا شريك له، ولا نجعل مع الله إلهاً آخر.

والذين كانوا يدعون مع الله آلهةً أخرى مثل الشمس والقمر والكواكب والعزير والمسيح والملائكة واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، ويغوث ويعوق ونسرا، وغير ذلك لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق، أو أنها تنزل المطر، أو أنها تنبت النبات، وإنما كانوا يعبدون الأنبياء والملائكة والكواكب والجن والتماثيل المصورة لهؤلاء، أو يعبدون قبورهم، ويقولون: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى.

ويقولون: هم شفعاؤنا عند الله، فأرسل الله تبارك وتعالى رسله تنهى أن يُدعى أحد من دونه لا دعاء عبادة ولا دعاء إستغاثة. قال تعالى: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضُّر عنكم ولا تحويلاً. أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً} [الإسراء: 56، 57].

قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون المسيح وعزيراً والملائكة فقال الله لهم: هؤلاء الذين تدعونهم يتقربون إليّ، كما تتقربون، ويرجون رحمتي كما ترجون رحمتي، ويخافون عذابي كما تخافون عذابي.

وقال تعالى: {قل ادعوا الَّذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير. ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} [سبأ: 22، 23].

فأخبر سبحانه أن ما يُدعى من دون الله ليس له مثقال ذرة في الملك، ولا شريك في الملك، وأنه ليس له في الخلق عون يستعين به وأنه لا تنفع الشفاعة عنده إلا بإذنه).

إلى أن قال رحمه الله: ((وعبادة الله وحده هي أصل الدين، وهو التوحيد الذي بعث الله تعالى به الرسل وأنزل به الكتب، فقال تعالى: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رُّسُلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يُعبدون} [الزخرف: 45]، وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النحل: 36]، وقال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رَّسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25].

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق التوحيد ويعلمه أمته، حتى قال له رجل: ما شاء الله وشئت. فقال: «أجعلتني لله نداً، بل ما شاء الله وحده» [رواه أحمد]

وقال: «لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمّد ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء محمّد» [رواه الدارمي، وابن ماجه، وأحمد]

ونهى عن الحلف بغير الله تعالى فقال صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت» [رواه البخاري]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير