وقال صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد أشرك» [رواه أبو داود والترمذي] وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، وإنما أنا عبد الله، فقولوا: عبد الله ورسوله» [رواه البخاري].
ولهذا اتفق العلماء على أنه ليس لأحد أن يحلف بمخلوق كالكعبة ونحوها. ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السجود له، ولما سجد بعض أصحابه له نهى عن ذلك وقال: «لا يصلح السجود إلا لله» [رواه احمد] وقال: «لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» [رواه الترمذي، وابن ماجة وأحمد]
وقال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «أرأيت لو مررت بقبري أكنت ساجداً له؟»
قال: لا، قال: «فلا تسجد لي» [رواه أبو داود]
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد وقال في مرض موته:
«لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» [رواه البخاري، ومسلم]. .
إلى أن قال رحمه الله: (ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء المسجد على القبور ولا تشرع الصلاة عند القبور، بل كثير من العلماء يقول الصلاة عندها باطلة).
إلى أن قال رحمه الله: ((وذلك أن من أكبر أسباب عبادة الأوثان كانت تعظيم القبور بالعبادة ونحوها، قال الله تعالى في كتابه: {وقالوا لا تذرُنّ آلهتكم ولا تذرُنّ وَدًّا ولا سُواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً} [نوح: 23].
قال طائفة من السلف: كانت هذه الأسماء لقوم صاحين فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم وعبدوها.
ولهذا اتفق العلماء على أن من سلّم على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أنه لا يتمسح بحجرته ولا يقبلها" انتهى المقصود من كلامه رحمه الله.
وقال العلامة ابن القيم- رحمه الله- في الجواب الكافي ص156 ما نصه: "فصل: ويتبع هذا الشرك الشرك به سبحانه في الأفعال والأقوال والإرادات والنيات، فالشرك في الأفعال كالسجود لغيره، والطواف بغير بيته، وحلق الرأس عبودية وخضوعاً لغيره، وتقبيل الأحجار غير الحجر الأسود الذي هو يمين الله في الأرض، وتقبيل القبور واستلامها والسجود لها، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من اتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد يصلى لله فيها، فكيف بمن اتخذ القبور أوثاناً يعبدها من دون الله.
ففي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد»
وزفي الصحيح أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك».
وفي مسند الإمام أحمد رضي الله عنه وصحيح ابن حبان عنه صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله زوّارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» [رواه ابن حبان].
وقال صلى الله عليه وسلم: «اشتد غضب الله على قوم إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» [رواه مالك].
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن من كان قبلكم كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصورا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» [رواه البخاري].فهذا حال من سجد لله في مسجد على قبر، فكيف حال من سجد للقبر نفسه! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد» [رواه مالك] انتهى كلامه رحمه الله.
وبما ذكرنا في صدر هذا الجواب، وبما نقلناه عن شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- وتلميذه العلامة ابن القيم- رحمه الله- يتضح لكم ولغيركم من القراء أن ما يفعله الجهال من الشيعة وغيرهم، عند القبور، من دعاء أهلها، والاستغاثة بهم، والنذر لهم، والسجود لهم، وتقبيل القبور طلباً لشفاعتهم، أو نفعهم لمن قبَّلها. كل ذلك من الشرك الأكبر؛ لكونه عبادة لهم، والعبادة حق لله وحده، كما قال الله سبحانه: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} [النساء: 36]، وقال سبحانه: {وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدّين حُنفاء} [البينة: 5].
وقال عزّ وجلّ: {وما خلقتُ الجنّ والإنس إلا ليعبدونِ} [الذاريات: 56].
إلى غير ذلك من الآيات التي سبق بعضها.
¥