إطلاقاً و تزود زاداً إلى النار يكون خالداً مخلداً فيها لا يخرج منها أبدا , فمن أشرك شركاً أكبر بجميع أنواعه أو كفراً أكبر بجميع أنواعه أو نفاقاً أكبر بجميع أنواعه و مات على ذلك و لم يتب فإن الله سبحانه و تعالى يدخله النار و لا يخرجه منها أبدا , كما قال في مواضع كثيرة لكني أشير إلى موضع يقول الله جل و علا:) إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار (في أسفل طبقة لأن طبقات النار طبقة فوق طبقة , و أسهلها الطبقة العليا هي أخف أهل النار عذاباً , لكن هنا في المنافقين) إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار و لن تجد لهم نصيرا ([النساء: 145] هذا صنف , الصنف الثاني: تزودوا زاد خلطوا عملاً صالحاً و آخر سيئا , يعني زادٍ إلى الجنة و زادٍ إلى النار لكن هؤلاء تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنهم و إن شاء عذبهم و أدخلهم الجنة , إلا من كان مشرك شرك أصغر فهذا لا يغفر الله له , لكن إما أن يقتص من حسناته و إما أن يدخله النار و يطهره , يبقى بعد ذلك الأمور التي بينك و بين الخلق من حقوق الخلق , حقوق الخلق هذه تكون خاصة بينك و بينهم ظلمت زوجتك ظلمتك ولدك ظلمت جارك ظلمت أي واحد من المسلمين كل شي مكتوب ,) إن الله لا يظلم مثقال ذرة و إن تك حسنةً يضاعفها ([النساء:40]) فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره و من يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره ([الزلزلة: 8:7] ,) و وضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه و يقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرةً إلا أحصاها و وجدوا ما عملوا حاضراً و لا يظلم ربك أحدا ([الكهف:49] فأنت يا عبد الله أنظر إلى نصيبك من امتثال هذا الأمر و أعلم أن الأعمال التي تعملها سواءٌ كانت صالحةً أو كانت طالحة هي زادك إلى الآخرة , فإما أن يكون هذا الزاد زادٌ إلى النار و إما أن يكون زاد إلى الجنة ,لأنه لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبنيها , فإن بناها بخيرٍ طاب مسكنه و إن بناها بشرٍ خاب بانيها , فأنت في هذه الحياة إمتثالك بمنزلة الإنسان الذي يبني له بيتاً سيسكنه بعد نزع روحه من بدنه , إذا نزعت روحك من بدنك و وضعت في قبرك شاهدت جميع ما وقع منك في الدنيا من خيرٍ أو شر , إن كان صالحاً تمثل لك بأحسن صورة و إن كان قبيحاً تمثل لك عملك بأقبح صورة و صار هو قرينك في قبرك , فنتبه لنفسك , و قد جاء في الحديث اغتنم خمساً قبل خمس: (شبابك قبل هرمك , حياتك قبل موتك , صحتك قبل مرضك , فراغك قبل شغلك , غناك قبل فقرك) فأنظر إلى أطوار حياتك و تزود و امتثل , لأنك كما قال جل و علا في سورة الأحزاب:) إنا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض و الجبال فأبينّ أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا ([الأحزاب:72] و ما هي الأمانة؟ هذي هي أمانة الدين , أمانة العلم , أمانة القرآن , أمانة سنة الرسول صلى الله عليه و سلم , هذه هي الآن قلت أنا مستعد أتحملها , لكن تحملتها هل أديتها؟ ستسأل عنها يوم القيامة) فلنسألن الذين أرسل إليهم و لنسألن المرسلين^ فلنقصّن عليهم بعلمٍ و ما كنا غائبين ([الأعراف7:6] ,) و يوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون^ حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم و أبصارهم و جلودهم بما كانوا يعملون ([فصلت20:19] إلى آخره ... إلى أن قال) و قالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ([فصلت:21] يعني سمعك يشهد بما سمع , بصرك يشهد عليك بما رأى , يدك تشهد عليك بما بطشت فيها , جلدك يشهد عليك بما ماسه من الأمور المحرمة , جميع جوارك و جميع أجزاء بدنك تشهد عليك , أضف إلى ذلك الأرض , أي موقع من مواقع الأرض عصيت الله فيه سيشهد عليك يوم القيامة كما قال في سورة الزلزلة:) يومئذٍ تحدث أخبارها ([الزلزلة:4] و في سورة الدخان) فما بكت عليهم السماء و الأرض ([الدخان29] لماذا؟ يعني هذا في الكفار , إذا مات الكافر فإن الأرض لا تبكي عليه و مصاعد الأعمال لا تبكي عليه لماذا؟ لأنه لم يعمل حسنةً على وجه الأرض و لم يصعد له عملٌ صالحٌ إلى الله جل و علا , و إذا مات فإنه لا تبكي عليه الأرض و لا تبكي عليه مصاعد الأعمال , بخلاف المؤمن مواضع صلاته مواضع عباداته أذا فقدته فإنها تبكي عليه و مصاعد أعماله إلى الله إذا فقدته فإنها تبكي عليه , فأنت
¥