تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 11 - 07, 09:29 م]ـ

أخلاقيات حاج

قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: " الركب كثير والحاج قليل".

أخي الحاج: يا من فضلك الله واصطفاك على كثير من خلقه وأنعم عليك بنعمة الحج، كم من راكب للحج أنفق وتعب ولكن تسبب بأفعاله بما ينقص من أجره المأمول، لذا يا من يريد سلامة الوصول ولقاء الله بعمل مقبول عليك أن تكون حاجاً حقيقياً، وليس راكباً فعل أفعال الحجيج والله أعلم بما نال من أجر.

اعلم يا رعاك الله أنّ الأجر المأمول من وراء الحج المقبول بينه سيد الخلق وخير بني آدم بقوله فيما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه»، وفي رواية له أيضًا: «من حج هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه» وعند مسلم نحوه.

قوله في رواية البخاري: «من حج لله» أي: ابتغاء وجه الله، وطلبًا لرضاه. والمراد الإخلاص في العمل، بأن لا يكون قصده الأول والأوحد في الأساس تجارة، أو سياحة، أو شبه ذلك.

فالنيات تجارة العلماء، وبالنية الصالحة ينال المسلم الأجر الوفير الجزيل بالعمل القليل. وكم من مصلين في صف واحد ترفع أحدهم صلاته درجات ودرجات والآخر تلقى في وجهه يوم القيامة صارخة، مع أنّهما أديا نفس الحركات ومع نفس الإمام بدئا سويا وختما سوياً ولكن الفرق الكبير بينهما بشيء وقر في القلوب فتمكن من قلب المؤمن فخلصت النية وصلح العمل وأينعت الثمرة. وكذا في الحج أخي الكريم وأختي المباركة، كم من قافلة من الحجيج يخرجون من بيوتهم في نفس التوقيت ويقطعون الفيافي والقفار وينفقون ويؤدون المناسك وينتهون سوياً ولكن رجل يرجع من حجه كيوم ولدته أمه ورجل لا يرفع له دعاء واحد إلى السماء بسبب نفقة حرام أو نفاق نبت في القلب أو رياء طرأ على العمل، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنّ الله طيب لا يقبل إلاّ طيباً، وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} [المؤمنون:51] ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومأكله حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنّى يستجاب لذلك».

فاحذر أخي والتمس رحمة الله إنّ رحمة الله قريب من المحسنين.

واعلم يارعاك الله أنّ النية الصالحة وحدها لا تصلح العمل الفاسد، فصلاح العمل وقبوله يتوقف على شرطين: إخلاص النية وإخلاص المتابعة بأن تعبد الله كما أمرك، أي أن تتعلم أحكام الحج كما فعلها نبيك المختار عليه أفضل الصلوات والتسليمات، وهو القائل صلى الله عليه وسلم فيما رواه البيهقي في السنن الكبرى: «خذوا عني مناسككم».

فعليك بالسؤال عن كل كبيرة وصغيرة من أحكام الحج قبل سفرك حتى تؤدي عبادتك سليمة غير فاسدة صحيحة غير باطلة.

قالوا: و (الرفث): اسم للفحش من القول، وقيل: هو الجماع؛ وبه فسروا قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة:187] وقيل: (الرفث): التصريح بذكر الجماع؛ وقال بعض أهل اللغة: (الرفث) كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة؛ وكان عمر و ابن عباس رضي الله عنهما، يخصصانه بما خوطب به النساء. وإذا كان جمهور أهل العلم - كما قال ابن حجر - قد فسروا الرفث في الآية بأنّه الجماع، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ اللفظ في الحديث أعم من ذلك؛ وفي هذا يقول الحافظ ابن حجر في (الفتح): "والذي يظهر أنّ المراد به في الحديث ما هو أعم من ذلك، وإليه نحا القرطبي، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم في الصيام: «فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث» [متفق عليه] ". وعلى هذا، فالمقصود بـ (الرفث) في الحديث: الجماع، ومقدماته، وكل كلام فاحش.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير