والسؤال الذي نطرحه في هذا المجال هو: هل الجهد الفكري في التأليف، يورث صاحبه، في ميزان الشرع، أي اختصاص حاجز يتضمن معنى الحق؟ [12].
والجواب على ذلك: نعم، بل لا نعلم في هذا القدر خلافاً، ومن أبرز ما يدل على ذلك ما هو ثابت من حرمة انتحال الرجل قولاً لغيره، أو إسناده إلى غير مصدره. بل كانت الشريعة وما تزال، قاضية بنسبة الكلمة و الفكرة إلى صاحبها، لينال هو دون غيره أجر ما قد تنطوي عليه من خير، وليتحمل وزر ما قد تجره من شر. وقد ذهب الإمام أحمد في تحديد هذا الاختصاص و تفسيره مذهباً جعله يمتنع عن الإقدام على الاستفادة بالنقل والكتابة عن مقال أو مؤلف عرف صاحبه، إلا بعد الاستئذان منه. فقد روي عن الغزالي أن الإمام أحمد سئل عمن سقطت منه ورقة كتب فيها أحاديث أو نحوها، أيجوز لمن وجدها أن يكتب منها ثم يردها؟ فقال: لا، بل يستأذن ثم يكتب. [12]
إذن، التأليف يورث صاحبه حقاً يتعلق بمحله الذي هو ثمرة جهد فكري أو علمي.
ولكن ما هي طبيعة هذا الحق؟ أهو حق مادي مالي، أم هو حق معنوي خال عن شوائب النفع المادي أو المالي؟ لن ندخل في التفاصيل لأن الدراسة لا تسمح بذلك، و إنما نقول بما ورد في كتب الفقه: إن مالك المصنف بهبة أو شراء، إنما يحق له أن يتصرف بالعين المادية التي اشتراها، إذ هي التي وقع العقد عليها، كما أنه يملك أن يعبر عن الأفكار التي في المصنف وأن يناقشها ويرفضها ويرويها، و لكن ليس له أن ينتحلها لنفسه، ثم إنه لا يملك إذن من باب أولى أن يبيع هذا الحق المنسوب إلى غيره ويستقل هو بثمنه اعتماداً على مجرد أنه قد امتلك نسخة من مصنف تحوي صورة هذا الحق، لا شك أن هذه النسخة تغدو عندئذ في يد أشبه ما تكون بكوة فتحت في جدار، لتتسرب اليد الأجنبية منها إلى الداخل، ثم لتقتنص كل ما قد يوجد فيه دون حق. [12]
وتتمثل هذه الحقوق في أكثر الأحيان بعبارة تدون على المصنف المطلوب حمايته لصاحبه الذي أنتجه "حقوق التأليف و الطباعة و النشر محفوظة " أو " جميع الحقوق محفوظة ".
يتبع ...
ـ[صادق صبور]ــــــــ[25 - 10 - 07, 12:50 م]ـ
3 - الحقوق الأخرى التي تطبق على حق الملكية الفكرية:
حقوق ثلاثة مترابطة مع بعضها و مع الحقوق الثلاثة السابقة التي ذكرت و نبين حكم القانون والشريعة في هذه الحقوق بشكل موجز، في حرية استعمال المصنفات المحمية.
3 - 1 - حق نسخ المؤلف:
تعد أوجه الاستعمال التالية للمصنف المتمتع بالحماية بلغته الأصلية أو بنصه المترجم إليه مشروعة دون الحصول على موافقة المؤلف:
استنساخ أي مصنف يمكن مشاهدته أو سماعه أو عرضه، وذلك عن طريق التصوير الفوتوغرافي أو السينمائي أو وسائل إعلام الجمهور أو جعل ذلك المصنف في متناول الجمهور في الحدود التي يسوغها الهدف الإعلامي المنشود. [8]
استنساخ أعمال فنية تشكيلية أو معمارية لعرضها سينمائياً أو تلفازياً وإبلاغها للجمهور، إذا كانت هذه الأعمال موجودة بصفة دائمة في مكان عام. [8]
استنساخ عمل أدبي أو فني أو علمي بالتصوير الفوتوغرافي أو بطريقة مشابهة إذا كان قد سبق وضعه في متناول الجمهور بصورة مشروعة، وذلك إذا جرى الاستنساخ من قبل مكتبة عامة أو مركز للتوثيق غير تجاري أو مؤسسة علمية أو معهد تعليمي بشرط أن يكون ذلك الاستنساخ وعدد النسخ مقتصراً على احتياجات أنشطة الجهات المستنسخة، وبشرط ألا يضر ذلك بالاستثمار المادي للمصنف أو يتسبب في ضرر لا مسوغ له لمصالح المؤلف المشروعة. [8]
3 - 2 - حق بيع المؤلف:
للمؤلف أن ينقل إلى غيره الحق في مباشرة حقوق الاستثمار المنصوص عليها في قوانين الحماية. ويكون ذلك بصورة كتابية و بتحديد واضح لكل حق في التصرف على حدة. [8]
إذا نقلت ملكية النسخة الأصلية من مصنف فلا يتضمن ذلك نقل حق المؤلف ومع ذلك يحق لمن يمتلك تلك النسخة أن يعرضها على الجمهور دون أن يكون له حق نسخها ما لم يتفق على خلاف ذلك. [8]
تنتقل حقوق المؤلف كاملة إلى ورثته بعد وفاته، بما في ذلك اتخاذ قرار نشر المصنف إذا لم يكن منشوراً قبل الوفاة وفي حال عدم وجودهم تنتقل هذه الحقوق إلى الوزارة المسؤولة عن مثل هذه الحماية. [8]
3 - 3 - حق التنازل عن المؤلف:
¥