أما إطلاق الفسوق على المعاصي صغيرها وكبيرها فهو قول طائفة السلف في هذه الآية يحكى عن بعض تلامذة ابن عباس-رضي الله عنهما-، كعطاء وغيره أن الفسوق المعاصي كلها، ويحكى حتى عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أن الفسوق: هي المعاصي كلها فيشمل الصغائر والكبائر فمن أساء إلى أخيه ولو بصغيرة فإنه يعتبر خارجاً من هذا الفضل في قوله: ((من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق)).
وأما الحال الثانية: أن يطلق الفسوق بمعنى كبائر الذنوب وهذا في آية الحجرات: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn5) فأشار أن للذنوب ثلاث مراتب العصيان للصغائر والفسوق للكبائر والكفر للمخرج من الملة.
وقد يطلق الفسق بمعنى الكفر كقوله- I- : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ} (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn6) فقالوا: إن الفسق هنا بمعنى الكفر-والعياذ بالله- إذا استحل ذلك واعتقد حله فيطلق الفسق بهذه الثلاثة المعاني: إما أن يراد به عموم الذنوب؛ لأن قول العرب فسقت الرطبة بمعنى خرجت من قشرها قالوا: فالعاصي لله خارج عن أمره ونهيه قالوا فيوصف بكونه فاسقاً من هذا الوجه، وإما أن يراد به كبائر الذنوب، وإما أن يراد به المخرج من الملة، والمراد هنا عموم الذنوب صغيرها وكبيرها أي يجب وينبغي على الحاج أن لا يصيب صغائر الذنوب وكبائرها ويتقي ذلك.
وأما قوله: {وَلاَ جِدَالَ} الجدال: إما أن يكون على وجه مشروع، وإما أن يكون على قصد ووجه ممنوع فالوجه المشروع الذي يكون بالتي هي أحسن؛ لأن الله وصف المجادلة بالتي هي أحسن فأمرنا بمجادلة أهل الكتاب: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn7) فوصف الجدال بالتي هي أحسن فما كان من الجدال بالتي هي أحسن كطالب علم تناقشه في مسألة تريد الوصول فيها إلى الحق بنفس زكية طيبة مطمئنة وأسلوب هادف وهو كذلك يبادلك الشعور فهذا لا حرج فيه.
وإما أن يكون بأسلوب ممنوع وهذا الذي فسر به طائفة من السلف وهو أن يجادل الغير من أجل أن يحنقه وأن يغيظه وأن يجعله يخرج عن طوره، ولربما إلى درجة الغضب والضيق قالوا هذا هو الممنوع: {وَلاَ جِدَالَ} أي: ما أوصل إلى هذا الحد الممنوع، وأما إذا كان بالمشروع فلا حرج وكان بعض السلف يكره الجدال حتى في البيع والشراء قالوا إذا أراد الإنسان أن يشتري لا يجادل يحرص قدر المستطاع على أن لا يجادل إلا في أحوال مستثناة كأن يظلم في حقه فهذا مستثنى أن يقول بالمعروف، والله - تعالى - أعلم.
مسائل الطواف والسعي بين الصفا والمروة
السؤال الثامن والعشرون:
هل طواف القدوم واجب على المفرد للحج وما الدليل؟
الجواب:
طواف القدوم ليس بواجب على المفرد بالحج؛ لأن النبي- r- قال: ((من وقف موقفنا هذا وصلى صلاتنا هذه وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه)) قالوا: فهذا يدل على أن المفرد لايجب عليه طواف القدوم، والله - تعالى - أعلم.
السؤال التاسع والعشرون:
هل يجب على من ابتدأ الطواف أن يستلم الحجر أو لا؟
الجواب:
لا يجب عليه أن يستلم الحجر وإنما يشير إليه إن عجز وإنما هو سنة وليس بواجب، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثلاثون:
ما هو هديه-عليه الصلاة والسلام- في الرمل وفي أي طواف يكون؟ وهل يشرع للنساء الرمل في الطواف والسعي ولماذا؟
الجواب:
أما بالنسبة لهدي النبي- r- في الرمل فإنه كان أصله في عمرة القضية أنهم قالوا قدم عليكم أهل يثرب قد وهنتهم الحمى فنزل جبريل بالوحي على النبي- r- فقال لأصحابه: ((رحم الله امراءً أراه من نفسه جلداً)) فلما ابتدأ الطواف اضطبع-صلوات الله وسلامه عليه- ثم هرول الأشواط الثلاثة فقالت قريش: إنهم ينقزون نقز الظبى وهذا إشارة إلى أنهم على جلد وقوة حيث لم يرضوا بأن يسيروا حتى هرولوا، ثم كان-عليه الصلاة والسلام- يمشي بين الركنين ثم لما كانت عمرة الجعرانة رمل-عليه الصلاة والسلام- ولم يمشِ بين الركنين وإنما رملها الثلاث كاملة، وبناءً على
¥