الثاني: عن عبد الله بن عباس " أن رسول الله كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة، ثم لا يعود أخرجه الدار قطني بسند رجاله ثقات غير الفضل بن السكن فإنه مجهول، وسكت عنه ابن التركماني في " الجوهر النقي " (4/ 44!)
ثم قال الترمذي عقب الحديث الاول: هذا حديث غريب، واختلف أهل العلم في هذا .... "
وقال الألبانى أيضا: [ولم نجد في السنة ما يدل على مشروعية الرفع في غير التكبيرة الأولى فلا نرى مشروعية ذلك وهو مذهب الحنفية وغيرهم واختاره الشوكاني وغيره من المحققين وإليه ذهب ابن حزم] ()
10 - مشهور حسن آل سلمان إذ يقول: " ثبت رفع الأيدي عن ابن عمر رضي الله عنهما، فمن غلب على ظنه أن ابن عمر ما فعل ذلك إلا اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم فحينئذ له أن يرفع، ومن سبر فقه ابن عمر ونظر فيه يجد أن له انفرادات كثيرة، فقد ثبت عنه أنه كان يغسل بياض عينيه، وثبت عنه أنه كان يزاحم على الحجر الأسود، وثبت عنه أنه كان يوجب المسح على الجبيرة، وثبت عنه انفرادات كثيرة، لذا يذكر أن أبا جعفر المنصور، لما طلب من الإمام مالك أن يكتب الموطأ، فكتب له: ((أن اكتب لي كتاباً، ووطئه توطئة وإياك وشواذ ابن مسعود وتشديدات ابن عمر، ورخص ابن عباس)). فالمقصود أن ابن عمر له بعض التشديدات وله مسائل انفرد بها، فلما علمنا انفراده من جهة، ولم يؤثر عن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه في التكبيرات في صلاة الجنازة ولم يؤثر ذلك عن غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قامت القرائن على أن هذا من فعله هو – أي ابن عمر- والذي أراه قريباً للسنة عدم رفع اليدين في تكبيرات الجنازة، والعيدين، والله أعلم".
ومما سبق يتضح الآتى:
أولا: أن أصحاب هذا الرأى ليس لهم متعلق بحجة صحيحة من الأحاديث، كما أنهم لا متعلق لهم بقول أحد من الصحابة.
ثانيا: أن أبا حنيفة ومالك ليس لهما قول واحد فى المسألة بل قالا بالرفع فى التكبيرة الأولى فقط، وبالرفع فى التكبيرات الأربع على ما سيتضح بعد قليل، ومن ثم فإن قولهما بالرفع فى التكبيرة الأولى فقط ليس بأولى من قولهما بالرفع فى التكبيرات الأربع.
ثالثا: أن قول إمامنا العظيم ابن حزم الظاهرى بأنه لم يأت عن النبى إلا الرفع فى التكبيرة الأولى فقد أسلفنا أن هذا الحديث ضعيف ولا حجة فيه.
رابعا: أن الإمام الشوكانى انصرف فى تحقيقه إلى ما لا نص فيه مثله مثل الإمام ابن حزم، ومن بعدهما الشيخ سيد سابق ولو لم يرد عن اثنين من الصحابة وهما ابن عمر وابن عباس أنهما رفعا فى التكبيرات الأربع ولم يعرف لهما مخالفا لطبقنا قاعدة " الأصل فى العبادات التحريم حتى يأتى نص بالإباحة" لكن فعل كل من ابن عمر وابن عباس لا شك أنه لم يكن من تلقاء أنفسهما، خاصة وأن جماعة من أبناء الصحابة كان مذهبهم الرفع فى التكبيرات الأربع وهم سالم بن عبدالله بن عمر، والقاسم بن محمد بن أبى بكر، وقيس بن أبى حازم، بل صح عن موسى بن نعيم مولى زيد بن ثابت الصحابى الجليل أنه قال: من السُنة أن ترفع يديك مع كل تكبيرة" على ما سيتضح بعد قليل.
خامسا: أن استئناس العلامة الألبانى بالحديثين السابقين لا حجة فيهما كما سبق، بل إن الألبانى نفسه حكم بأنهما ليسا بصحيحين، وأما استئناسه بقول الأحناف فليس بحجة أيضا لأنهم لم يتفقوا على ذلك بل منهم من قال بالرفع فى التكبيرة الأولى، ومنهم من قال بالرفع فى التكبيرات الأربع شأنهم شأن إمامهم أبى حنيفة، وأما استئناسة بكل من ابن حزم الفقيه العظيم والعلامة الشوكانى فقد سبق وأوضحنا خطأ مسلكهما رضى الله عنهما، وكل يؤخذ منه ويرد إلا محمد صلى الله عليه وسلم.
سادسا: أن ما ذهب إليه مشهور حسن آل سلمان بأن رفع ابن عمر لليدين فى التكبيرات الأربع من فعله هو وانفراده ولم يرد عن أحد من الصحابة لا يمكن قبوله ويبطله أنه قد صح عن ابن عباس الرفع فى التكبيرات الأربع على ما سيتضح وكما سبق، فضلا عن أن جماعة من أبناء الصحابة قالوا بمثل قول ابن عمر وابن عباس، وأن موسى بن نعيم مولى الصحابى الجليل زيد بن ثابت قال: "من السُنة أن ترفع يديك مع كل تكبيرة" كما سبق وعلى ما سيتضح بعد قليل.
القول الثانى: وهو الرفع مع كل تكبيرة واحتجوا بالآتى:
¥