ثُُمَّ إنَّ هَذَا البَاحِثَ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِ مِنْ جِنْسِ بَقِيَّةِ خُلَفَاءِ بنِ أُمَيَّةَ الذِينَ يُخَالِفُونَ السُّنَّةَ، وَإنَّ هَذَا ممَا أُخِذَ عَلَيْهِم. وَإنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِكَانَ يُخَالِفُ السُّنَّةَ، وَيصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى مُزْدَلِفَةَ. ذَهَبَ فَحَشَدَ
كَعَادَتِهِ آثاراً مِنْ مُصَنَفِ ابنِ أَبِي شَيْبَةَ، لا تَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِشَيءٍ،وَلَيْسَ فِيْهَا وَهِيَ أرْبَعَةَ عَشَرَ أثَراً،مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ خُلَفَاءَ بَني أَمَيَّةَ وَعُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِ، يُصَلُّونَ المغْرِبَ قَبْلَ مُزْدَلِفَةَ إلا أثَراً وَاحِداً فَقَط وَهُوَ هَذَا: ابنُ أبِي شَيْبَةَ (14220): "
حَدَثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أبِي شَرْقِيٍّ، عَنْ أبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ: أَنَّه صَلَّى مَعَ عُمَرَ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
5/أخرجه مسلم (2637) مِنْ طَرِيق سهِيَل بن أبي صلاح عَنْ أبيه عَنْ أبي هريرة.وَأَنَّظر السَيْر (5/ 119).
6/السَيْر (5/ 120).
سَنَتَينِ المغْرِبَ دُونَ جَمْع ٍ".وَقَدْ جَعَلَهُ البَاحِثُ بِاللَّوْنِ الأزْرَقِ لأَنَّهُ هُوَ المقْصُودُ عِنْدَه
وَأَقُولُ: إنْ كَانَ هَذَا المعْتَرِضُ أَوَرَدَ هَذَا الأثَرَ؛ لِيَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِ كَاَنَ يُصَلِّي المغْرِبَ لَيْلةَ جَمْع قَبْلَ وصُوَلِهِ مُزْدَلِفَةَ، فَهُوَ وَاهِمٌ بَلْ مُخْطِئٌ خَطَأً جَسِيماً؛ فَعُمَرُ فِي هَذَا الأثَرِ لَيْسَ هُوَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ يَا أُسْتَاذُ، بَلْ هُوَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ؛ لأَنَّ أبَا عُثمَْانَ النَّهْدِي،وَهُوَ عَبْدُ الرَّحمَنِ بنُ مُلٍ مِنْ كِبَارِ المُخَضْرِمِينَ،عُمِّرَ دَهْراً وَأسْلَمَ فِي حِيَاةِ النَّبِيِّ- صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدينة وَقْتَ اسْتِخْلافِ عُمَرَ فَفَاتَه أبَا بَكْرٍ، وَحَجَّ مَعَ عُمَرَ، وَعُثمَْانَ، وَعَلِيٍّ‘ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ!!!
وَمَاتَ أبُو عُثْمَانَ النَّهْديِّ،قَبْلَ أَنْ يَتَوَلَّى عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ الخِلافَةَ بِسَنَواتٍ!!!. قَالَ ابنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ (7/ 97): (توَفِي أوَّلَ قُدُومِ الحجاجِ العِرَاقِ). فَأَيْنَ أبو عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ؟! وَأَيْنَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ يَا أُسْتَاذُ؟!!
فَعُمَرُ فِي هَذَا الأثَرِ إذَنْ هُوَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، وَلَيْسَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ فَتَنَبَهْ أيُّهَا القَارِئُ. وَلا يَرُوجُ عليك كلام هذا الباحث فِي الإمَامِ شَيْخِ الإسْلامِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ بأَنَّهُ كَانَ يُخَالِفُ السُّنَّةَ وَيصَلِّي قَبْلَ المُزْدَلِفَةَ بِمِثْلِ هَذَا الحَشْدِ مِنْ النَّقْلِ.
ثُمَّ إنَّي أسْألُكَ أيُّهَا البَاحِثُ الْمُحَقِّقُ: مَنْ أبُو شَرْقِيٍّ رَاوِي هَذَا الأثَرِ عَنْ أبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ؟!!! هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَذْكَرَ عَنْهُ شَيئاً؟!!.
هَذَا راوٍ مَجْهُولٍ لا يُدْرَى مَنْ هُوَ؟! وَلا يُعْرَفُ إلا بِهَذَا الأثَرِ الوَحِيدِ، فَهُوَ أثَرٌ سَاقِطٌ لا يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِوجُودِ هَذَا الرَّاوِي الْمَجْهولِ، قَالَ ابنُ أبِي حَاتِمٍ فِي الجَّرْحِ وَالتَّعْدِيلِ
(9/ 392) (أبُو شَرْقِيٍّ رَوَى عَنْ أبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، رَوَى عَنْهُ شُعْبَةَ، سَمِعْتُ أبِي يَقُولُ ذَلِكَ) فَقَط وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ.
وَكَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الَكُنَى وَالأسْمَاءِ (1/ 433): (أبو شَرْقِيٍّ عَنْ أبِي عُثْمَانَ، رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ).
فَأَيْنَ زعمك عَلَى الإمَامِ أَمِيرِالمؤمِنِينَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيز، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةَ.
فَكَأنَ هَمَّكَ أَنْ يُقَالَ: إنَّه قَدْ أجَابَ، وَلا يَهُمُّكَ أَنْ يُقَالَ لَعَلَّهُ قَدْ أصَابَ.
¥